كشفت جولة قامت بها «الشرق» على عدد من أحياء محافظة حفر الباطن كثرة الجدران التي اتخذها الشباب والمراهقون مكاناً ملائماً للتعبير عما يجول في خاطرهم. ومجالاً لتفريغ شحنات الهموم والكبت الذي يعانون منه تجاه الأسرة أو المدرسة. وبين الأهالي أن الأضرار التي لحقت بمنازلهم سببت لهم الإزعاج، فيما أكد البعض أن الخربشة على جدران منازلهم تكررت أكثر من مرة، ما دعاهم للمطالبة بتوفير جدران خاصة في الأحياء تكون متنفساً للشباب والمراهقين. بداية قال محمد العنزي -صاحب محل- «لقد قمت بطلاء محلي أكثر من مرة، والسبب هو الكتابات الطائشة، والهواية التي يمارسها بعض الشباب والمراهقين، تلك الكتابات التي لا يمكن تجاهلها، لما تحويه من عبارات خادشة للحياء أو تعرض بأسماء أشخاص أو عوائل. وقال: المراهقون لا يهتمون ولا يبالون بما تدفعه من جيبك نتيجة الطلاء المتكرر. فيما شدد عبدالله غالي العنزي على ضعف دور البلدية في منع بيع مثل هذه المواد للمراهقين، وأضاف: لو أن البلدية كان لها دور في منع مثل بيع هذه المواد الصبغية للمراهقين لما كانت هناك كتابات على الجدران. مؤكداً أن وجود هذه المواد له دور كبير في تشجيعهم وتحفيزهم على الكتابة. وقال محمد عبدالله العنزي من سكان حي الربوة ويملك منزلاً جديداً: إنه لم يمض على سكنه سوى شهر، وقال: تفاجأت بأنواع العبارات والرسومات في الجدار الخلفي للمنزل ما جعلني أدفع مبالغ مالية إضافية لإزالتها وإعادة صبغ الجدار من جديد، وأضاف: تسبب من قام بالكتابة على منزلي في تشويه المنظر العام للمنزل، وبالتالي المبلغ الذي دفعته، متسائلاً: من المسؤول عن هذه التصرفات؟ مطالباً الأسر وأولياء الأمور بالانتباه لأطفالهم وأبنائهم لكي لا يمارسوا مثل هذه الهوايات المزعجة التي تعود علينا بالضرر. ويروي حمود الشمري قصته مع مجموعة من المراهقين الذين اتخذوا من جدران منزله مرسماً، وقاموا بالكتابة على الجدران بعبارات وقصائد، وقال: قمت بطلاء جدران منزلي ثلاث مرات والسبب أن بعض الكتابات والقصائد والرسومات كانت مزعجة ومخجلة ولا يمكن تركها فترة على الجدران، مؤكداً أن من كتب على جدران المنزل بلا شك يأتي في آخر الليل، ويكتب ما يحلو له من عبارات. فيما طالب عدد من الأهالي ووجهاء وأعيان محافظة حفر الباطن البلدية بتوفير جدران تخصص للكتابة عليها، ليقوم الشباب والمراهقون بكتابة ما لديهم من أشعار وفضفضات على تلك الجدران. وقال مشعل متعب: لو وضعت البلدية في داخل الأحياء حدائق ترفيهية وجدراناً للكتابة عليها أجزم أن هذه المشكلة سيتم حلها، بينما يرى حسن عبدالمحسن أن تستغل هذه المواهب، وتُقدم جائزة لمن يرسم أو يجيد الكتابة على الجدران وفق ضوابط ينظمها أهالي الحي أو البلدية، ورجح خالد الشملاني هذه الفكرة وأضاف: لابد من ممارسة الجانب الأسري ومتابعة الأبناء، وحثهم على عدم مضايقة الجيران والمحافظة على ممتلكات الدولة التي ما وضعت إلا لخدمة الجميع. ورجحت مها العبدالله أن يكون سبب انتشار هذه الظاهرة هو أن العملية التعليمية لم توطِّد في أذهان الطلاب سوء هذه الأعمال. وقالت: لو وصلت إليهم المفاهيم بصورة صحيحة لما كنا نرى هذه الكتابات والرسومات، وأكدت أن المادة العلمية ضعيفة بعض الشيء ولم تشكل قيمة لتزرع فكر التطور والثقافة العالية لدى نشأة الطالب. من جانبه قال الاستشاري النفسي الإكلينيكي وليد الزهراني: إن الكتابة على الجدران لها أكثر من سبب، ويكون لها جانب نفسي في بعض الأحيان أي أنه في بعض المرات تكون عند المراهق أو الشاب في بعض المراحل التعليمية المشاعر النفسية لديه مكبوتة في المدرسة أو في المنزل، بحيث يكون هناك تعامل سيئ من قبل إدارة المدرسة أو من بعض المعلمين، فيكون هناك شعور نفسي بداخله يقوم بالتعبير عنه بالكتابة على الجدران، ويلجأ إلى تشويه السمعة كأن يستهدف مدير المدرسة أو أحد المعلمين أو شخص معين، وأحيانا تندرج تحت جانب المشكلة السلوكية أي أنها تعطي الشباب حب الإثارة والاستمتاع بما يقومون به، وبعضهم لديه فكر معين بأن ذلك فيه نوع من القوة أو نوع من السلطة. ونوه الزهراني إلى أن البعض لديه موهبة الرسم والكتابة، مبيناً أن بعض البلدان كأمريكا توجد بها كثير من الجدران المخصصة لمثل هذه الكتابات والرسومات ذات الطابع الجميل. مقترحاً مجاراة هذه الظاهرة، وقال: بالإمكان أن توضع جدران في أماكن محددة للشباب، ومن لديه الموهبة يمكنه استغلالها في تلك الأماكن، مشيراً إلى أن بعض المراهقين لديه جنون في هذا الأسلوب وتجده محترفاً كأن يرسم صورة لشخصية ما أو أبيات شعر وما شابه ذلك.