تجاوزت ظاهرة كتابة المراهقين على الجدران مقاصد التشويه العبثية، الى نوع من الفن الجرافيتي، وأيضا وسيلة للشكوى عبر عبارات تحكي حالاتهم النفسية؛ معبرةً عن إضطراباتهم الاجتماعية وذكرياتهم الخالدة للمارين والمثقفين حسب اعتقادهم، بحيث أن تلك الكتابات والرسومات البارزة تحاول لفت إنتباه المارة، حيث يلحظ في ميادين المشاه تفننهم برسومات وكتابات قد تكون ابداعية ومعبرة عن المواهب المكبوته بحيث أنها توصل رسالة تحاكي مشاعرهم النفسية التي تمنعهم بعض التقاليد عن إظهارها لمجتمعهم أو أسرهم، وتبقى تلك الكتابات والرسومات من مصادر مجهولة أو في بعض الاحيان تنتهي برمز متعارف عليه بين الاصدقاء. وأبرز الامكنة التي تشتهر وتعاني منها الجدران أو الحجارة على الطرق السريعة، وحوائط الدوائر الحكومية. وربما فشلت بعض الجهات حين خصصت بعض الحوائط للكتابة عليها والرسم الجرافيتي، حيث لم يعتمدها بعض المراهقين ولم تكفيهم لسد حاجتهم بإظهار كتاباتهم والرسومات الابداعية. يقول الشاب وافي السلمي: أرى الذين يبرزون مواهبهم التعبيرية ورسوماتهم على حوائط المدارس ووصلت الى الكتابة على حوائط المساجد ما هي الا قلة وعي وادراك لأنهم لم يقدروا مفهوم المال العام، فهم لا يرضون الكتابة على حوائط منازلهم أو ما يملكونه. ويرى عبدالرزاق الغامدي أنه يجب على مراكز الاحياء متابعة من يمارس مثل تلك السلوكيات وفرض مخالفات عليهم، واضاف: يجب أن تقوم مجالس الاحياء بدورها فإذا تابع كل مجلس حي منطقته للحد والحيلولة من هذه الظاهرة التي أزعجت سكان كثير من الأحياء وشوهتها بشكل عام، وقد يكون هناك غرامات مادية أو عقوبات تفرض عليهم بإصلاح ما فعلوه من تشويه وتخريب للمال العام والتعدي على حرمات المنازل وقد يتحول بعد الغرامات هذا الشخص الى شخص فعال وايجابي. الشاب ثامر الصاعدي يقول: بعض أصدقائي الذين أعرفهم يمارسون تلك الكتابات والرسومات وذلك لدواعي عدة ومن بينها أن يكون لهم شهرة بين زملائهم بإشتهار كتاباتهم ورسوماتهم، والبعض منهم يرى الكتابة على الحوائط متنفس ومسرح وملجأ في أغلب الاحيان. وحمل الصاعدي المدرسة المسؤولية الكبرى في ذلك، حيث يرى ان المدرسة لو استقطبت هذه الفئة من المراهقين وابرزت ابداعاتهم بالشكل اللائق والمرضي لنفسياتهم؛ لقل شيوع هذا السلوك الذي نراه على كثير من الجدران والطرق السريعة. ومن جهته يرجع الدكتور في علم الاجتماع التربوي عصام نصرتوني أن هذه الظاهر تعود للعديد من الأسباب لعل من أهمها انخفاض الوعي لدي هؤلاء الشباب، وزيادة وقت الفراغ لديهم، وتدني الخدمات المجتمعية المقدمة لهم، وبالتالي حسن استغلال أوقات فراغهم مثل الأندية الاجتماعية أو الرياضية، وعدم اهتمام المجتمع بهم ودمجهم بالشكل الذي يحسن توظيفهم في المجتمع، وبالتالي يمكن اعادة توجيه سلوكياتهم بالشكل اللائق والمفيد.