بحث الرئيس السوداني عمر البشير أمس في جوبا مع نظيره سلفا كير موضوع النزاع الدائر في جنوب السودان منذ ثلاثة أسابيع، فيما بدأت المفاوضات المباشرة بين حكومة جوبا وحركة التمرد الجنوب سودانية في أديس أبابا. وبالرغم من استمرار المعارك في جنوب السودان بدأت المحادثات المباشرة بين أنصار الرئيس كير وخصمه نائب الرئيس السابق رياك مشار في أديس أبابا بحسب المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية غيتاشيو رضا. وأكد مندوبو الطرفين أنهم اتفقوا على بدء مفاوضات حقيقية بعد خلافات بروتوكولية وغيرها أدّت إلى تأخير بدئها الذي كان مقرراً أصلاً أمس الأحد. في هذه الأثناء وصل البشير إلى مطار جوبا حيث كان في استقباله نائب الرئيس الجنوب سوداني جيمس واني إيقا. وتوجه على الفور إلى القصر الرئاسي ليشدد على قضية السلام في بلد انفصل عن السودان قبل سنتين ونيف لكنه بقي شريكاً اقتصادياً مهماً. وقال للصحافيين «إن السلام والأمن يجب أن يسودا في جنوب السودان. وأن الهدف من زيارتنا هو حمل السلام إلى جنوب السودان وإلى أشقائنا وشقيقاتنا الجنوب سودانيين. وأن علاقتنا مهمة جداً». ويشهد جنوب السودان الذي استقل عن السودان في يوليو 2011، منذ 15 ديسمبر معارك بين القوات الحكومية وحركة التمرد بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار الذي أقيل في يوليو الماضي. ويتهم كير مشار بمحاولة القيام بانقلاب عسكري. لكن الأخير ينفي ويتهم كير بالسعي إلى تصفية خصومه. ويسعى الجيش الجنوب سوداني إلى استعادة مدينة بور الاستراتيجية عاصمة ولاية جونقلي (شرق) من المتمردين. وأسفرت المواجهات عن سقوط آلاف القتلى ونزوح نحو مائتي ألف شخص. كما أشارت تقارير إلى مجازر وعمليات قتل واغتصاب ذات طابع قبلي. فالنزاع يكتسي بعداً قبلياً، لاسيما وأن كير ينتمي إلى قبيلة الدينكا فيما ينتمي مشار إلى النوير. إلا أن وقع هذه المواجهات كبير جداً على السكان، وبدأ رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورير أمس زيارة إلى المكان. وعبّر عن «قلقه إزاء العنف الموجه إلى المدنيين وإلى أناس غير مشاركين في الأعمال الحربية». ودعت منظمة أوكسفام البريطانية غير الحكومية إلى السلام مؤكدة أن «آلاف الأسر تعيش أصلاً في فقر مدقع طردت من منازلها وقطعت عنها وسائل عيشها». إلا أن أحد موفدي المتمردين إلى محادثات أديس أبابا ألمح إلى أن أي حلٍّ يتطلب وقتاً. وقال مابيور قرنق «إنني متفائل. إن وفدنا يتوجه إليها بروح منفتحة»، لكنه أضاف أن المتمردين «يشككون في صدق الحكومة». وتابع «إنهم لا يتوقفون عن تغيير قواعد اللعبة ويرفضون الإفراج عن المعتقلين (من أنصار مشار) لكن علينا أولاً الاجتماع حول طاولة المفاوضات والبحث في وقف الأعمال الحربية». وأحد المواضيع الخلافية هو الإفراج عن أحد عشر مسؤولاً مقرباً من مشار كي يتمكنوا من المشاركة في المحادثات التي ستتناول إرساء وقف لإطلاق النار وآليات التحقق منه بعد ثلاثة أسابيع من النزاع المسلح. وقد بدأت المفاوضات الأسبوع الماضي في أديس أبابا تحت رعاية السلطة الحكومية للتنمية المعروفة اختصاراً ب «إيغاد»، وهي منظمة إقليمية في شرق إفريقيا تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة سعياً لتجنيب الدولة الحديثة العهد الغرق في الحرب الأهلية.