هذه أول قصة من المذكرات أًسر بها لحبيبتي «الشرق» ولم أضف إليها البهارات أو حتى المكسرات، فهي مخللة ومفلفلة بحرقة لاذعة!! قرأتها في ملامح إنسان اسمه بشار ويتمنى بأن يكون «عبدالعزيز»، ودونتها بأسلوبي البسيط وأنا على حصاني الأبيض أجوب شوارع المدينة!! ونقلتها لكم ولهن بسؤال يبدأ بلماذا؟؟؟ لماذا أغير اسمي من بشار إلى عبد العزيز؟؟؟ عندما أستمع إلى الأخبار أكره اسمي، عندما أتذكر المجازر أكره اسمي، عندما أرى شخصاً سورياً أكره اسمي، عندما يُشرد الأطفال… وعندما يُقهر الرجال… وعندما تُسبى النساء،… وعندما تُغتصب الفتيات… وتُغتصب الحقوق… وعندما تبكي الأمهات… وتدمع أعين الرجال… وتغيب البسمة عن وجوه الأطفال.. عندما تُدك المآذن.. وعندما تُهدم المساجد.. وتُنتهك الحُرمات… وفي كل مرة أكره اسمي، ولكن أكثر ما زاد كرهي، وفجع قلبي وهز فؤادي هو موقف لا أنساه ما حييت ولا يغيب عن فكري، تدمع عيناي كلما تذكرته ولا أكاد أنساه. إليكم ما حصل معي … في أحد الأيام وأنا في السوق رأيت طفلاً جميلاً يمشي منفرداً وكأنه تاه عن والديه. حيث تظهر عليه علامة الخوف والحزن، اقتربت منه وسألته عن اسمه وعن والده وعلمت أنه سوري الجنسية، سحبته من يده لآخذه إلى أبويه وأعطيته قطعةً من الحلوى ولعبةً كنت قد تسوقتها لابني، وقد رأيت الفرحة والبسمة بدت على وجهه وخاصة عندما شاهد أباه وكنت أنا في غاية السعادة لأني أدخلت السرور على طفل مع الأسف هو شريد، طلب الأب من الولد أن يشكرني فنظر إلي الولد مبتسماً وهو يقول بلهجته الجميلة شكراً يا عمو… أشو اسمك؟ فأجبته والفرحة تغمرني أني أدخلت الفرحة إلى قلبه وبدون أن أعي (اسمي بشار) فجأةً عبث الولد وضربني باللعبة التي قدمتها له وهو يقول (أنت قتلت أمي) وأخذ يبكي… والله لم أتأثر بموقف كما تأثرت يومها، ومنذ ذلك اليوم أقسمت أن أغير اسمي إلى أي اسم آخر… فقلت له اسمع ما قال الدكتور الغامدي واصفاً بشار الأسد في قصيدته، «يسمونه بشاراً، وما هو ببشار، إلا في إراقة الدماء، وهدم البيوت على أصحابها، وإشاعة الطغيان بجنودٍ لا أخلاق لهم، وشبيحةٍ لا رحمة في قلوبهم. ويلقبونه أسداً وما هو بأسد، إلا على الأبرياء، والعزّل، والمغلوبين على أمرهم من النساء والأطفال والشيوخ، لكنه نعامةً عاجزةً عن الدفاع، وقد دمّر عليه اليهود ما سموه مُفاعلاً، ولا يزالون يحتلون الجولان. وودعته بانتظار اللقاء مرة أخرى. وبدأت أسأل رجال وعلماء الدين عن حكم الإسلام في ذلك. وأما تغيير الاسم إلى غيره فالحكم عليه يختلف باختلاف الاسم الذي سيغير إليه، وذلك لأن تغيير الاسم إلى غيره تعتريه الأحكام الخمسة فتارةً يجب وذلك في حق من يسمى باسم ينافي عقيدة الإسلام، لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والبخاري في الأدب المفرد عن هانئ بن يزيد أنه لما وفد إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – مع قومه سمعهم النبي – صلى الله عليه وسلم – يسمون رجلاً منهم عبدالحجر فقال النبي – صلى الله عليه وسلم-: ما اسمك؟ قال: عبد الحجر، قال: لا أنت عبدالله. قال البجيرمي في تحفة الحبيب: ويجب تغيير الاسم الحرام. وتارةً يستحب التغيير كأن يكون في الاسم تزكية لما في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب. أو كان يحصل بالاسم تشاؤم لما رواه مسلم عن سمرة بن جندب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحا ولا أفلح فإنك تقول أثم هو فلا يكون فيقول لا. وتارةً يباح التغيير وذلك كتغيير الاسم إلى مثله كتغيير عبد الرحمن إلى عبدالله ونحو ذلك، وتارة يكره التغيير وذلك كتغيير اسم حسن إلى اسم مكروه كتغيير سعيد إلى رباح ونحو ذلك. وتارة يحرم التغيير، وذلك كتغيير اسم جائز ولو مع كراهة إلى اسم محرم كتغيير رباح إلى عبد المسيح. يجوز تغيير الاسم ولو لم يكن قبيحاً، وأما القبيح فيسن تغييره إلى اسم حسن، وكذا الاسم الذي فيه تزكية للنفس ويكون ذلك حال الحياة، لما أخرج أبو داوود في سننه عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: {إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم}. وحقيقةً لقد أكلت قصة هذا الرجل فكري كله، ووجدت أنه أراد لنفسه اسماً يسمو به ويكون مفخرة وعزاً له ولاولاده من بعده فلم يجد أقوى وأفضل من «عبدالعزيز» اسم مليكنا وقائدنا وموحد بلادنا وطارد أعدائنا، وأسس لنا دولة وبنى لنا قوة وأعلى لنا شأناً وكثر ما قيل فيه ويقال: عبدُالعزيز بسيفهِ وجوادهِ ورجالَ عاشوا للمعارك عانية رجلاً مهيباً للعِداء بقوةٍ خضعت لهُ أقوى الجيوش علانية جَمَعَ الشتات بحكمةٍ و بحنكةٍ و رَباطةِ جأش في الحروب زبانية حكم البلاد فعاشوا أعزَّةً بكتاب ربي و السنن هي ثانية وقطع حبال أفكاري اتصاله بي للسؤال عن حالي فأخبرته بأنني سأنشر قصته كأول قصة ومعاناة إنسانية ترمي بألم، فأعطاني الخلاصة: أستحلفكم بالله يا من سمعتم وعلمتم قصتي ماذا أختار اسما لي هل أبقى على اسمي القديم وتستمر معي معاناتي وتعيش صورة ذلك الطفل وكل الأطفال المعذبين في ذاكرتي أم يصبح اسمي من اليوم عبدالعزيز وأكون كمن ولد من جديد يملأ السرور فؤاده ويسكن الاطمئنان في قلبه. فو الله كل ما أتمناه اليوم أن أخرج على الناس فلا أرى عيونا تدمع وشيوخا تتشرد ورجالاً تقهر ونساء وأطفالاً تسجن من قبل شخص نحمل مع الأسف أنا وهو نفس الاسم.