إن المتأمل في حال مجلس الشورى السعودي يخال له في أغلب الأحيان غياب المجلس عن واقع الحال المتجدد والمتسارع تباعاً للتجدد الفكري لدى الشباب السعودي خصوصاً بعد موجات الابتعاث التي ساعدت كثيراً في بلورة فكر الشباب السعودي بشكل إيجابي بعد ما أمضى كثير منهم التمعن في التجارب الشبابية في دول الابتعاث خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي ودور الشباب فيها من خلال المجالس الشعبية لتشكيل وبناء الدول الحديثة. وترى الأوساط الفاعلة في مجال تنمية الشباب السعودي أن المشاركة الشبابية في مجلس الشورى كان من الضروري أن تكون الشغل الشاغل للمركز الوطني لأبحاث وقضايا الشباب الذي أنشئ عام 2004م إلا أنه انحصر في أمور لا تسمن ولا تغني من جوع وليس له أنشطة يشار لها بالبنان محليا ودوليا بأيادٍ شبابية رغم أن مقره في جامعة الملك سعود والسواد الأعظم من شباب الجامعة لا يعرفون عنه شيئاً أصلاً؟ وكثيراً ما نسمع عن الجهات الحكومية التي شكلت قطاعات تتعلق بقضايا الشباب إلا أن صوتها لا يكاد يسمع إلا في أمور تكاد تكون محصورة في مجال الجهة المنشئة لها وفق معايير ضيقة جداً وتنظم فعاليات شبابية محلياً بإشراف جهات شبه فاعلة سواء من قطاعات حكومية أو قطاعات المجتمع المدني إلا أنها لم ترتق للمفهوم الرئيسي وهو مشاركة شباب المجتمع المدني في وضع حلول ودراسة مشكلات الشباب في الإطار الأنموذجي وفق أسس علمية لبناء الدول الحديثة، والسبب وراء ذلك غياب التنسيق فيما بينها عملياً واختلافهم من حيث الفكرة والرسالة والهدف مع مجلس الشورى الذي لو كان لديه لجنة مختصة بالشباب تحركها كوادر متخصصة وشابة للتمهيد لاختيار الشباب الفاعل لمشاركتهم في المجلس عن طريق الترشيح حسب شروط تضمن استمرارية الفكرة بشكل إيجابي وتكون مهامها مساعدة أعضاء مجلس الشورى من الشباب في وضع الحلول واتخاذ القرارات النهائية لهذه الشريحة الكبيرة في المجتمع ولو طبق هذا التصور نكون حققنا مبدأ تعامل الأقران مع بعضهم بعضاً في معشر الشباب خصوصا أننا دولة تعتبر خليجياً أكثر دولة من حيث تعداد الشباب فيها ما بين سن 30 – 40 إجمالياً قدره 1.411.517 مليون ذكر و1.407.823 مليون أنثى، بحسب إحصائية لمصلحة الإحصائيات العامة عام 2007م فكيف الحال عام 2020م. ورغم ورش العمل البرلمانية الكثيرة بين مجلس الشورى مع ما يشابهه في دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول إلا أن الأمر في مجال الشباب لم يتعد سوى الاستراتيجية الوطنية للشباب التي أتت بشكل شبه غير مرضٍ لأوساط كثيرة من الشباب الفاعل في مجال العمل الشبابي التنموي في المملكة علماً بأن المجلس أصدر في دورته الرابعة 1426ه – 1430ه عدة قرارات تناولت في مضامينها قضايا تتعلق بالشباب بلغت 486 قراراً في 318 جلسة تعلقت في القضايا التعليمية والرياضية والوظائف فكيف إذا الوضع خلال دورة المجلس الخامسة؟ لا بد من التمعن في أقرب الأمثلة في دول الجوار الخليجية من حيث الفترة الزمنية على سبيل المثال إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتجربتها الناجحة عام 2005م لإنشائها مجلس شورى للشباب. في اعتقادي آن الأوان أن تضخ دماء شابة وجديدة في مجلس الشورى السعودي من الجنسين لاستغلال رؤيتهم العصرية لمستقبل بلادهم، فهم أدرى بحاجة أقرانهم فلو نصل لهذه المرحلة يكون نقاش آلية الاختيار والتكوين سهلة جداً لا يختلف عليها اثنان ومع هذا لا يوجد من بين الأعضاء الحاليين من هو قريب من صوت الشباب وعلى دراية تامة في القضايا الشبابية، ونلاحظ عدم وجود لجنة شبابية لمناقشة الهموم التي يعانونها ومتطلباتهم وإيجاد الخطط الاستراتيجية لوضعهم المستقبلي… ولعلي هنا أستطيع القول إن على مجلس الشورى السعودي أن يعي أهمية صوت الشباب اليوم قبل غدٍ.