تضع دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا، على طاولة الاجتماع الوزاري المشترك الرابع للحوار الاستراتيجي في إسطنبول اليوم، في الوقت الذي تتجه فيه الأزمة السورية إلى مزيد من التعقيد، إثر فشل مهمة المراقبين العرب، وسحب المملكة ودول الخليج مراقبيها من بعثة الجامعة العربية، وتصاعد وتيرة العنف في سورية، وعدم انصياع بشار الأسد للقرارات العربية والدولية، مؤكداً في ذات الصدد أهمية الوضع السوري استراتيجياً بالنسبة لتركيا ودول الخليج. ويرى الباحث في العلاقات الدولية عبدالله الشمري المحاضر في المعهد الدبلوماسي في الرياض، أهمية عقد هذا الاجتماع، حيث إنه أول اجتماع يعقد بعد أحداث الربيع العربي وتغير الأنظمة في مصر وليبيا وتونس، ونجاح المبادرة الخليجية في اليمن، وأحداث سورية، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق. وربط الشمري في تصريحات ل»الشرق» توقيت الاجتماع، حيث جاء بعد دعوة خادم الحرمين الشريفين لانتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهو ما يسهم في زيادة أهمية التنسيق الخليجي التركي. وقال الشمري «هناك ثمة فرص كبيرة للتعاون الخليجي التركي، خاصة من حيث رفع وتيرة التنسيق للضغط الدولي والإقليمي على النظام السوري لوقف إراقة الدماء، ووقف إطلاق النار على المتظاهرين فوراً، وإطلاق سراح المعتقلين، وإجراء إصلاحات واقعية وسريعة وجادة للاستجابة للمطالب الشعبية». وأضاف الشمري «هناك قلق خليجي تركي واضح من حدوث حرب أهلية قد تؤدي لتقسيم سورية، بسبب وجود ملايين العلويين الأتراك في المناطق الحدودية مع سورية، كما أن هناك خطر إنشاء كيان كردي في سورية، مما سيُعد تهديداً مباشراً وحقيقياً للأمن القومي التركي». وتوقع الباحث الشمري أن يدعم هذا الاجتماع تدخل دولي تحت غطاء الأممالمتحدة، سواء عبر الناتو أو غيره لإيقاف حمام الدم، وإيجاد منطقه آمنة شمال سورية، كما أن هناك فرصة أكبر للتعاون التركي الخليجي، بدعم من المجتمع الدولي، خاصة مع وجود آلاف اللاجئين السوريين في مخيمات هاتاي. وأكد الشمري أهمية التنسيق الخليجي التركي تجاه إيران، خاصة بعد تصاعد التوتر الإيراني الدولي والتهديدات بإغلاق مضيق هرمز، كما تهديد نائب الرئيس الإيراني بقصف الأراضي التركية بسبب نصب صواريخ الردع الاستراتيجية في ولاية ملاطيا، وتصاعد التهديد الإيراني لدول الخليج، فيما تنتظر دول الخليج موقفاً أقوى من تركيا تجاه إيران. ويجد الشمري فرصة للتعاون الخليجي التركي تجاه العراق، في وقت يحمل الملف العراقي الكثير من جوانب الانسجام والتطابق والالتقاء بين دول الخليج وتركيا، لكونهما معنيين بمحاولة الحد من النفوذ الإيراني المتنامي، خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية منه، وخشية من ضعف السلطة المركزية في بغداد أو تقسيم العراق، وهذا ما يخل بتوازن القوى الإقليمي، ويمثل تهديداً مباشراً للأمن الوطني لدول الخليج وتركيا. وحذر الشمري من تنامي قوة التيارات السياسية والأحزاب الموالية للهيمنة الإيرانية، سواء كانت أحزاباً سنية أو كردية، أو حتى شيعية معتدلة أوعلمانية، ودعم تحقيق الأمن والاستقرار في العراق، حتى لا يتحول إلى مستنقع للجماعات الإرهابية العابرة للحدود، سواء كانت كردية ضد تركيا، أو جماعات معادية للمملكة والكويت تحديداً. وانطلق الحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا بعد بتوقيع مذكرة تفاهم للحوار الاستراتيجي بينهما، في مدينة جدة في سبتمبر 2008، حيث سيتناقش جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والتنموية، وبموجب مذكرة التفاهم يعقد اجتماع سنوي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون وتركيا.