أدركتُ بعد عدة قراءات ومتابعة لمواقع التواصل الاجتماعي أن أكثر المتحدثين هم من فئة الشباب. منهم من هو عاطل لا يعمل، ومنهم من يعمل براتب متدنٍ، ومنهم من لم يكمل تعليمه بسبب تدني معدله في التعليم العام، ومنهم من يعاني من قروض مالية وأزمات صحية وسكنية وغيرها من المشكلات وصل حد النفسية والاجتماعية. هؤلاء الشباب لا ينتظرون حلولاً جذرية وإحصائيات وجداول زمنية وخططاً خمسية لحل قضاياهم وإعطائهم حقوقهم المشروعة، فمتطلباتهم البسيطة من وظيفة براتب مُجزٍ،إلى التعليم، والسكن، هي من جملة حقوق المواطن التي من المفترض تقديمها لهم دون مناشدة أو معروض أو وسيط. ويبدو أن السبب في ازدياد أعدادهم وانتشارهم بشكل ملحوظ وهيمنتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه اُتيحت لهم فرصة التعبير عن آرائهم وتطلعاتهم في عهد الملك عبدالله حفظه الله، الذي يشهد تغييراً وحداثة فريدة من نوعها متزامنة مع تقنيتي الفيسبوك وتويتر، إضافة إلى ما يشهده عالمنا العربي من صراع الخريف العربي الذي منحهم قوة واندفاعاً شديدين ليعبروا عن معاناتهم بكل ثقة وبلا وجل. إذاً لا يختلف اثنان على أن ما يحدث من انقلاب في العالم العربي، وما تقدمه التقنية الحديثة يؤجج المشاعر ويساعد على فتح أبواب مغلقة ربما استفادت منها جهات تدَّعي الإصلاح بزرع الفتنة وتأجيج مشاعر هؤلاء الشباب واستخدامهم كأداة تخريبية ضد الوطن لإحداث فوضى كتابية يُدينون فيها المسؤولين، ويتناولون ذلك بأساليب مزعجة وبقدح علني من خلال اجتهاد غير صائب، حتى يظنوا أنها الوسيلة الوحيدة لإيصال أصواتهم والطريقة الناجعة ليحاربوا بها الفساد والمفسدين. هذه الثغرة أرى ضرورة إغلاقها وتقديم كافة الحلول التي تسهِّل لفئة الشباب الحصول على حقوقهم تامة، ويجب محاربة الفساد من خلال إيقاف كل مُعوِّق لحقوق المواطنة وليس أهلاً للأمانة، قد يستفيد منه كل متربص حاقد وناقم لزرع دسائسه، وهذا النهج في الإدانة من قبل الشباب المظلوم سيستمر ولن يتوقف ما دامت أكثر الدوائر والوزارات تعمل بإصرار على تعطيل شؤونهم الحياتية، وتعرقل كثيراً من القرارات والقرارات الملكية وذلك بفرض بنود وشروط جديدة على كل قرار حديث -من بعد الأمر به- لا تتوافر في منتظريه والمتعطشين له، وهذا يحبط آمالهم وتطلعاتهم ويقتل فرحتهم. إذن، من هذا المنطلق لن نتفاجأ إن علمنا أن نسبة كبيرة من مرتادي تلك المواقع سعوديون، جزء منهم يحكي معاناته دون توقف، وجزء يناصر، وآخر يتابع بصمت مذهول من تلك الفئة التي تتحدث دون انقطاع، ومتابعون يتربصون بهم وبوطنهم.