يشهد سوق التمور في محافظة بيشة منذ بداية موسم جني ثمار النخيل، الذي بدأ منذ أسابيع، حراكاً اقتصادياً كبيراً وإقبالاً ملفتاً من تجار التمور من داخل المحافظة وخارجها. ويطلق على موسم جني ثمار النخيل في بيشة "القطيع"، نسبة لقطع عذوق النخيل وجني ثمارها وهو ما يسمى في مناطق أخرى ب "الصرام". وبدأت سوق التمور في المحافظة تشهد ازدحاماً للباعة والمتسوقين، الذين لم يمنعهم الصيام من الإقبال على السوق لمزاولة البيع والشراء صباحا ومساء. وقد سجلت أسعار التمور ارتفاعاً كبيراً عن السنوات الماضية، حيث لقيت معظم أصناف التمور المعروضة، التي تشتهر بها محافظة بيشة رواجاً كبيراً، في حين تضاعفت أسعار بعض الأصناف مقارنة بالعام الماضي، حيث وصلت قيمة كرتون الموز (الذي يزن 21 كيلو) من النوعية الفاخرة من صنف الصفري 500 ريال. وقد أرجع مرتادو السوق سبب هذا الارتفاع في أسعار التمور إلى تراجع أعداد النخيل المثمرة في بيشة، وذلك بسبب موجة الجفاف وندرة المياه التي تعاني منها منذ عقود إلى جانب جودة محصول هذا العام من التمور. وهو الأمر الذي تنبه له تجار التمور مبكراً منذ موسم الرطب، حيث تسابقوا على حجز معظم مزارع المحافظة، خصوصاً مزارع قرى وادي ترج، ومزارع وادي بيشة، وقد ساهم هذا التسابق المحموم من قبل تجار التمور من داخل المحافظة وخارجها في رفع أسعار إنتاج المزارع إلى ضعف ما كان عليه في العام الماضي. محمد علي الحارثي من سكان مركز ترج وأحد العاملين في تجارة التمور، أكد أنه لم يجد فرصة في هذا العام لشراء إنتاج بعض المزارع التي تعود على شرائها في كل عام، نظراً لارتفاع الأسعار هذا الموسم، مستدلاً بإحدى المزارع التي باع صاحبها إنتاجها من التمور هذا الموسم ب 105 آلاف ريال، بينما كان سعر محصول ذات المزرعة في الموسم الماضي 45 ألف ريال فقط، مؤكداً أن أكبر المستفيدين من ارتفاع أسعار التمور في بيشة هم تجار التمور، الذين يبادرون في كل عام باحتكار كميات كبيرة من التمور بالحجز المسبق للمزارع، ليتحكموا في عمليتي العرض والطلب في السوق تاركين للمزارعين هامشاً ضئيلاً من الربح. هذا ويغامر تجار التمور في كل عام بشراء إنتاج المزارع من ثمار النخيل بأوقات مبكرة جداً وقبل موسم الحصاد، حيث يقدمون على شراء محاصيل التمور وهي لا تزال رطباً، وبعض الأحيان وهي لا تزال بلحاً، متجاهلين ما قصد يصيبها من أمراض أو علل بسبب السوس أو هطول الأمطار. مدير المديرية العامة للزراعة في محافظة بيشة المهندس سالم القرني، أكد أن محافظة بيشة وعلى الرغم من موجة الجفاف التي عصفت بها وقلصت أعداد النخيل المثمرة فيها، لا تزال تنتج أعدادا هائلة من التمور ذات الأصناف الجيدة والنادرة، مؤكداً أن عدد أشجار النخيل المثمرة في محافظة بيشة وفق إحصائية العام المنصرم تتجاوز المليون ونصف المليون نخلة، وأن كمية الإنتاج السنوي من التمور في بيشة تقدر بأكثر من 79 مليون كيلو. وأرجع القرني سبب تزايد أسعار التمور إلى عامل العرض والطلب والنوعية المتميزة لتمور بيشة. وتنتج مزارع النخيل في بيشة أصنافاً عديدة من التمور، يأتي في مقدمتها الصفري وهو الأكثر شهرة وإنتاجاً والأكبر حجماً، إلى جانب السري والمقفزي والجسب وحلوة البلح، غير أن أعلاها سعراً هو الخلع نظراً لندرة أشجار النخيل التي تنتج هذا النوع، التي لا تعيش في الغالب إلا في وادي هرجاب جنوببيشة، والذي يصل لأسعار خيالية في معظم المواسم، غير أن بعض أصناف التمور في بيشة لا تصلح للكبس والتعبئة ويكون الإقبال عليها في موسم الرطب فقط، الذي يسمى في بيشة موسم "الخرفة"، ومن هذه الأصناف الشكل والبرني واللحق والصفراء وحمراء عميق وطيبة الإسم، إلى جانب أسماء كثيرة تنحسر شهرتها في قرى وهجر معينة. وتجدر الإشارة إلى أن من أبرز مطالبات المزارعين في محافظة بيشة إنشاء جمعية تعاونية تساهم في حل مشاكلهم ومساعدتهم للتغلب على العقبات التي تواجههم، وفي مقدمتها تحسين نظام تسويق محاصيلهم، وإيجاد مصنع لتعبئة التمور.