قال مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري إن مدينة القدس تتعرض للتهويد أكثر من أي وقت مضى، وتخضع "لهجمة استيطانية إسرائيلية قد تغير معالمها تماما في حال استمرار الأوضاع الحالية حتى عام 2020". وأكد صبري أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة بينت تصاعدا غير مسبوق في عمليات تغيير الوقائع بالقدس، وأضاف أنه رغم تزايد أعداد السكان الفلسطينيين بنسبة 400% منذ عام 1967، فإن نسبة سكان القدس العرب اليوم لا تتجاوز 35%، مؤكدا أن "إسرائيل تسعى لأن تصبح هذه النسبة 15% بحلول 2020". إخطارات للهدم: وكشف صبري أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت خلال الأسبوعين الماضيين فقط نحو ثلاثمائة فلسطيني في المدينة المقدسة بقرارت لهدم منازلهم. وأشار إلى أن "بلدية القدس الصهيونية وبمعاونة الحكومة اليمينية المتطرفة بدأت مؤخرا في تنفيذ سلسلة من الإجراءات تهدف لتفريغ المدينة من سكانها الشرعيين". وقال -في ندوة عقدت مساء الأحد بمقر جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية بالعاصمة الأردنية عمان حضرها سياسيون ومهتمون بشؤون القدس- إن الحملة الإسرائيلية "تتركز في أحياء الشيخ جراح والبستان والطور، وهي الأحياء التي تقع ضمن ما يسميه اليهود الحوض المقدس". وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية نقلت الأسبوع الماضي حجرا من أحد القصور الأموية الواقعة بمحاذاة السور الجنوبي للمسجد الأقصى لوضعه في باحة الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي. خذلان العرب والمسلمين: وردا على سؤال للجزيرة نت، اعتبر الشيخ صبري أن القدس تتعرض لخذلان من العرب والمسلمين، وأنها بحاجة لميزانية خاصة تبلغ خمسمائة مليون دولار سنويا لتثبيت السكان فيها، "تنفق على التعليم والرعاية الصحية وترميم المنازل ودفع الغرامات الباهظة التي تتسبب في فقدان المقدسيين منازلهم وانتقالها ليهود". وكشف أن سلطات الاحتلال في القدس سنت مؤخرا قانونا يحمل المستأجر الغرامات التي تلحق بالمالك إذا كان البيت غير مرخص، وقال "هذا قرار سيؤدي للإضرار بمئات العائلات المقدسية، مما يستدعي المساعدة في دفع هذه الغرامات". وحمل بشدة على ما قال إنها "مؤسسات تعمل للقدس في الخارج وتجمع الأموال ولا نعرف أين تذهب أموالها"، معتبرا أن "مسؤولية العرب والمسلمين إضافة للفلسطينيين عظيمة للمحافظة على القدس وخوض معركة العروبة والإسلام فيها لمواجهة معركة التهويد". معركة ثقافية: وأوضح صبري كذلك أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة قررت حظر كافة الأنشطة المناهضة للسياسات الإسرائيلية في القدس، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو غيرها، وإخضاع كل من ينظم مثل هذه الأنشطة للمساءلة. واعتبر مفتي القدس أن المدينة "تستحق أن تكون عاصمة للثقافة العربية للأبد، وليس لعام واحد فقط"، مشيرا إلى أن أهالي القدس تفاعلوا مع هذا الحدث رغم التضييقات الإسرائيلية. لكنه انتقد "شكل الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية"، وأضاف أن "تراث القدس ليس دبكة شعبية تقام في احتفال (..) نحتاج للتركيز على التاريخ الثقافي والحضاري والعلمي للقدس، التي سكنها كبار علماء الأمة وألفوا عددا من أهم المؤلفات فيها، لاسيما الغزالي وابن قيم الجوزية وابن تيمية والعز بن عبد السلام وغيرهم كثير".