ينطوي التقرير السري الذي أعده قناصل الاتحاد الأوروبي في القدسالشرقية وكشفت عنه إحدى الصحف الإسرائيلية مؤخرًا، والذي ينتقد سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين في القدسالمحتلة، على أهمية بالغة لأنه يعكس موقف أوروبي شبه جماعي منحاز إلى الحق الفلسطيني، يعتبر الأول من نوعه منذ إعلان البندقية عام 1980. يزيد من أهمية هذا التقرير الذي شدد على محاولة إسرائيل تغيير التوازن الديمغرافي في القدسالشرقية، والعمل على عزلها عن الضفة الغربية، التوصية التي دعا إليها بأن ينفذ الاتحاد الأوروبي نشاطات احتجاجية ضد إسرائيل، وأن يفرض عقوبات على الجهات الإسرائيلية الضالعة في نشاطات استيطانية في القدسالشرقية ومحيطها، إلى جانب أن توقيت صدوره قد تزامن مع صدور العديد من تقارير الإدانة الدولية لإسرائيل بسبب الحرب التي شنتها على قطاع غزة شتاء العام الماضي، وعلى رأسها تقرير جولدستون الذي وثق الجرائم التي انتهكتها إسرائيل في حق سكان القطاع خلال تلك الحرب. الأهمية الكبرى للتقرير تتمثل في أنه يشكل الأساس للمبادرة السويدية، ومشروع القرار الذي ستطرحه السويد على مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في غضون الأيام القليلة المقبلة، والذي يوصي بالاعتراف بالقدسالشرقية كعاصمة لدولة فلسطين لدى قيامها في المستقبل. يستحق هذا التحرك الأوروبي النشط اهتمام الفلسطينيين والعرب والمسلمين باستثماره لدعم قضية القدس التي تعتبر لب القضية الفلسطينية لتكثيف جهودهم لدعم صمود المقدسيين ونصرتهم في مقاومة الإجراءات الصهيونية التعسفية التي تمثلت في أحدث صورها في سحب هوياتهم حتى يصبح المستوطنون اليهود في القدس العربية أغلبية. كما أنه لا ينبغي إغفال الانتهاكات الإسرائيلية التي تمارسها في حق الشخصيات المقدسية الدينية، بدءًا من محاكمة الشيخ رائد صلاح التي تجرى اليوم بتهمة التحريض على العنف ضد سلطات الاحتلال، وليس نهاية بإصدار قائد الجبهة الداخلية في إسرائيل قراره بمنع مفتي القدس السابق ورئيس الهيئة الإسلامية وخطيب المسجد الأقصى حاليًا الشيخ عكرمة صبري من دخول المسجد الأقصى لمدة ستة أشهر، وكأن هذا المسجد الذي يعتبر أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين ملكًا لإسرائيل تملك وحدها حق السماح بدخوله لمن تريد.