ربما يسأل البعض.. لماذا ليس لدينا مصنع سيارات. لماذا نحن دول العالم الثالث ليس لدينا سياسات العمل بالمثل!! فمثلا، كما اليابانوكوريا الجنوبية وألمانيا وأمريكا تقوم بتصنيع السيارات والهواتف الذكية، لماذا لا نقوم بافتتاح معاهد لتعليم صنع مثل هذه المنتجات ثم مصانع ونقوم بتصديرها للعالم وندخل المنافسة العالمية. لماذا الحكومات لاتدعم هذا السياسة بما أن كل مقومات النجاح مثل المعرفة والأيدي العاملة متوفرة لدي معظم الدول ولكن الفعل متوقفة!! قبل أن نتعمق في هذه المسألة يجب أن نعلم بأن هناك ثلاث منظمات رئيسية مهمة في العالم وهي (البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) فالبنك الدولي مختص بالتنمية، وذلك عن طريق تقديم قروض طويلة الأجل للدول لتنمية اقتصادها (مع فرض سياساته). أما صندوق النقد الدولي فهو المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي ومن أهم مسؤولياته هي استقرار سعر الصرف بين الدول. وبخصوص منظمة التجارة العالمية فهي مسؤولة عن استقرار الاقتصاد العالمي، وأيضا التأكد دائما من تنقل المنتجات والسلع بين الدول بسهولة ووصولها للمستهلك، وأيضا هي من تطالب بالعولمة وهي فتح الحدود لسلع والمنتجات لتتنقل بسهولة بين الدول. لمعرفة أكثر عن هذه المنظمات وسياساتها!! أنصح بقراءة كتاب MAKING GLOBALIZATION WORK" للكاتب جوزيف ستيغليتز الذي عمل لدى البنك الدولي نائباً للرئيس وكبير الاقتصاديين! الأن نرجع لمحور حديثنا "لماذا دول العالم الثالث لا تطبق (سياسة العمل بالمثل) التي شرحتها سابقاً. للإجابة على هذا السؤال لابد من فهم سياسة النمو السريع في شرق آسيا (اليابان، هونغ كونغ، سنغافورة، كوريا الجنوبية)، في الواقع، بدأت هذه الدول سياسة العمل بالمثل منذ عام 1950، وذلك بالتركيز على التصدير بواسطة دعم وتحفيز وأيضا وضع مزايا لقطاعات صناعية محدودة ومهمة مثل السيارات والإلكترونيات عن طريق الإعفاء من التعريفات الجمركية في الاستيراد، وتوفير الائتمان بكل سهولة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وهذه السياسة ساهمت في السباق على إنشاء مصانع وتحول بعض الشركات مثل سامسونج من شركة أغذية إلى شركة مختصة بالإلكترونيات. مما أدى إلى تسارع نمو الاقتصاد ووصلت إلى ماهي عليه الأن وأصبحت منافسا قويا في السوق العالمي، ولكن ماذا عن بقية الدول التي لا زالت تسمى بالعالم الثالث هل تستطيع تطبيق هذه السياسة، والتي تسمى export-oriented في الحقيقة. طالبت الشركات العملاقة والدول المتقدمة من منظمة التجارة العالمية حمايتهم من هذه السياسة حيث ان في علم الاقتصاد عنما يرتفع العرض يهبط السعر مما يسبب خروج شركات من المنافسة، وهذا يعني أن الشركات العالمية سوف تكون في خطر! وللأسف تجميد هذه السياسة من قبل أعضاء منظمة التجاره العالمية.