أيقظ حادث طريق العارضة جازان والذي ذهبت ضحيته معلمة ابتدائية الطحلة بفيفاء ثريا ابوالغيث الرعب في نفوس المعلمات المغتربات في الهجر والمناطق النائية عن اهاليهن في رحلة يومية من مدنهن الى قرى نائية. رحلة يومية يواجهن خلالها خطر الطريق مع فاجعة المفاجآت والحوادث المميتة التي تحرق الدم بعروقهن صباح مساء ولا يسلمن جميعاً من جشع السائقين وشروطهم التعجيزية لرفع الأجرة الشهرية لنقلهن والتي قد تصل إلى 2000 ريال عن كل معلمة مع رداءة سيارتهم القديمة والمتهالكة والتي تفتقد لأدنى مقومات السلامة وإن سلمت احداهن من ذلك بسكنها قرب مدرستها فهي لا تنجو من رداءة الشقق المخصصة للسكن في تلك المحافظات والهجر وجشع ملاكها المُبالغ فيه بشكل غير منطقي ومعاناة توفير مستلزمات حياتهن في ظل عدم وجود محرم مرافق لهن لارتباطهم بإعمالهم ومسؤوليات حياتهم في مدنهم الاساسية فأي انتاج ننتظره من معلمة متعبة، خائفة، محتاجة، محرومة وأي عطاء ذلك الذي ستتمكن هذه الروح من بذله. معلمتا ابتدائية الطحلة بفيفاء وفاء مقداد ابراهيم ومنى طياش ذكرن ل"الرياض" ان ما حدث امامهن لا يمكن نسيانه ابداً وان وفاة زميلتهن ثريا بين ايدايهن وتطاير زميلاتهن ربا وابتسام وسامية امام اعينهن مشهد لا يصدقه عقل بشر وفاجعة لا تنسى ابداً فالمكان موحش وطريق العارضة بعيد، خرب ومتهالك اصبح يطلق عليه طريق الموت لكثرة حوادث الوفيات اليومية عليه. قالت منى: كنت استقل سيارتي الخاصة لأفجع بسيارة زميلاتي وهي تهوي امامي ومع تأخر الاسعاف نزلت مع زوجي لحملهن واسعافهن بصعوبة بالغة وقد تمنينا ان يسعفنا احدهم ولكن الطريق كان خاليا من المارة ولا حياة لمن تنادي. الناجيات يواجهن صعوبة السكن وسيارات النقل الرديئة وجشع السائقين وبرحيل ثريا وإصابة زميلاتها سكن الخوف والرعب قلوب من تبقى من معلمات ابتدائية الطحلة وغيرهن من المعلمات اللاتي يعملن في مدارس محافظات القطاع الجبلي من بنات المحافظات الساحلية واصبح خروجهن في تمام الساعة الثالثة فجرا وعودتهن مساء حدث غير سار يحمل بين ثناياه هاجس اللحاق ب ثريا. وقالت أماني الصعب معلمة تبعد عن مقر عملها اكثر من 150 كيلومتراً كيف نُطالب باحتواء طالباتنا تربوياً وتعليمهم تعليماً نموذجياً ونحن نعاني الأمرين للوصول الى مقر مدارسنا فالمسافة بعيدة والطريق وعر ومتهالك ينفث فينا الموت مع طلوع كل فجر، ورواتبنا تذهب ما بين إيجار للسائق وتذاكر سفر للبعض وايجار سكن موحش لمن لم تتحمل معاناة السفر كل صباح والعودة كل مساء وزاد الوضع سوءاً اننا لا نملك أي مميزات تدعم وضعنا المادي والنفسي السيئ فلا يوجد أي تكافؤ بين بدل المواصلات الضئيل وجشع سائقي السيارات وملاك شقق الإيجار كما اننا لم نحظ بأي لفتة حانية تدرج ضمن آلية وضوابط النقل الخارجي والذي ننتظره كحل ينهي ألم معاناتنا. واضافت كم تمنينا ان تُقلنا سيارات جديدة مكيفة ومجهزة بكل سبل السلامة والراحة مع سائق نزيه، مهيأ وأهل لحمل الامانة ولكنها تظل امنية تتلاشى بين حطام تلك السيارات المهترئة والخربة والتي تعتبر الخيار الصعب الوحيد الذي نضطر لركوبه كل صباح. وطالبت تهاني الوادعي بحقهن كمعلمات ومربيات لبنات الوطن فقالت من حقنا حضانة حكومية مجهزة وملحقة بمدارسنا حتى لا نضطر لتركهم في مدن بعيدة مع اهالينا فنحرم منهم كما ان من حقنا سكن وسيارات حكومية مجهزة بأرقى سبل الراحة والسلامة. وأضافت بأن الكل يعلم بمعاناة المعلمة البعيدة عن اهلها ومقر سكنها ولا تتساوى بالمعلمة التي تسكن في محافظتها وبالقرب من اهلها وعليه من حقنا ادراج بند في المفاضلة الخاصة بالنقل الخارجي كتخصيص درجات اعلى للمعلمة المغتربة عن اهلها تمكنها من النقل والعودة لأهلها ومنطقتها بسرعة. واوضحت المعلمة حليمة الرياني ان معاناتهن لا تنتهي بالوصول للمحافظة التي يعملن بها بل انهن يضطرون يوميا للنزول على جانب الطريق قبل الوصول لمدارسهن وذلك للانتقال لسيارة اخرى تقلهن لمدرستهن حسب توزيع واتجاه الطرق المؤدية اليها. وعبرت المعلمة المغتربة فاطمة العربي عن معاناتها وخسائرها مع السكن والمواصلات في ظل عدم وجود بدلات تعويضية فقالت يكفيني ألماً ان عائلتي واولادي في مكان وانا في مكان آخر اغيب عنهم اسبوع لأعود بلهفة واشتياق اتمنى بعدها ان لا افارقهم وتضيف العربي غربتي بعيداً عن ابنائي تجعلني اشعر بالذنب والتقصير في رعايتهم ومتابعتهم. وتمنت المعلمة (ب.الصاعدي) على وزارة التربية والتعليم ان تنظر لهن بعين الرأفة والرحمة فتجعل الاولوية في النقل الخارجي لهن واوضحت انها كبيرة في السن فقد تأخر تعيينها كثيراً وهي مريضة بالقلب تعاني من ارتخاء بالصمام وتعمل بمدرسة تقع بمنطقة جبلية وعرة جنوب المملكة والتي تبعد عن مقر سكن اسرتها في مكةالمكرمة 700 كليو متر راتبها ينقضي بين تذاكر سفر وإيجارات وقد تقدمت لطلب النقل الخارجي ثلاث سنوات ولم يتم نقلها وختمت حديثها بقولها "انا بحاجة لأن اكون بجوار زوجي وابنائي". واكدت سلطانة الكربي ان فرحتها بالوظيفة طارت وتلاشت لتتحول الى كابوس مرعب لم ترغب بوجوده في حياتها فهي تنطلق صباح كل يوم لمدرستها الواقعة بالخرخير والتي تبعد عن مدينتها 500 كليومتر تاركة والدها الطاعن في السن وامها المريضة بالربو واخيها المحتاج لقربها ورعايتها. وقالت المعلمة عبير المحمدي اعمل بمحافظة تبعد عن مقر سكني 400 كيلومتر تفتقد لأبسط الخدمات طريقها مُتعبة، مخيفة وطويلة واقرب مطار لها رحلاته صعبة وشحيحة وقد اصابني اليأس والملل كذلك اهلي وعائلتي فقد ملوا الانتظار فانا بعيدة عنهم لا اشاركهم لحظات الفرح ولا ادعمهم في الازمات والمحن كما ان لدينا اطفالاً يعانوا من امراض مزمنة كالسكر ولا نستطيع اصطحابهم معنا لحاجتهم لعلاجات وعيادة خاصة لمتابعة المرض. صور مؤلمة وحكايات مفجعة يرويها واقع المعلمات المغتربات عن اهاليهن حيث يجدن انفسهن مجبرات على قبوله والتعايش معه وسط آمال عريضة بتحقيق امنياتهن في النقل والاستقرار مع اسرهن في اقرب وقت. مشاهد أصبحت مألوفة على الطرق بين المدن المعلمة موظفة قد لا تعود إلى أطفالها مسلسل رعب يومي تعيشه المغتربات