اتفق المشاركون في اللقاء الدولي "متحدون لمناهضة العنف باسم الدين" والذي نظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بالعاصمة النمساوية فيينا، على عدة برامج ومبادرات تسهم في ترسيخ الاتحاد من اجل مناهضة العنف باسم الدين ودعم التنوع الديني والثقافي في العراق وسورية. وأكد المشاركون في بيانهم الختامي على شجب الصراعات أينما وقعت وخاصة الأحداث المؤلمة والخطيرة التي تجري في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في العراق وسورية. كما أعلنوا عن رفضهم القاطع لكل أشكال العنف ولاسيما التي ترتكب باسم الدين لما يترتب عليها من أضرار بالتماسك الاجتماعي وتهديد لأمن وسلامة الأبرياء من المدنيين وتشريد لملايين اللاجئين والنازحين من مناطق النزاعات الجارية في مناطق كثيرة من العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في سورية والعراق. وكان معالي أمين عام مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، قد ألقى كلمة أكد فيها على ضرورة الاتحاد لمناهضة العنف باسم الدين حماية للتنوع الديني والثقافي في العراق وسورية وغيرهما من مناطق النزاعات عبر إرساء قيم المواطنة المتساوية بين كافة مكونات هذه المجتمعات ونزع أسباب التعصب الديني والسياسي ومكافحة جميع أشكال إساءة استخدام الدين لتبرير العنف أو الحض على الكراهية. وأشار ابن معمر إلى تمزق أوصال المجتمعات الدينية في سورية وشمال العراق وما يتعرض له مواطنو الدولتين من ظلم وقتل وتشريد على أيدي تنظيمات إرهابية اعتمدت العنف الديني والسياسي لتبرير جرائمها، استناداً إلى أفكار ومعتقدات غريبة لا تمت للأديان بأي صلة. ابن معمر: ممارسات التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق لا تمت بصلة لأي دين د.مدني: المتخاذلون في مكافحة الإرهاب سيصبحون في مقدمة ضحاياه وتطرق ابن معمر إلى فشل إدارة المشكلات والنزاعات عن طريق الحلول العسكرية دون غيرها، وما يترتب على ذلك الفشل من فوضى وتطرف سياسي وديني وفكري في أماكن عديدة في العالم، وظهور جماعات لها ولاءات خارج النطاق المحلي والإقليمي في بعض الدول، ما كان سبباً في صراعات كثيرة تم فيها استخدام الدين والسياسة بصورة تتعارض تماماً مع أخلاقيات وقيم دين ومعتقد خاص على غرار ما يحدث في سورية وشمال العراق. مؤكداً على أن رسالة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات هي الإسهام في صنع السلام عن طريق الحوار العقلاني الذي يجمع بين القيادات الدينية وصناع القرار السياسي من خلال توجيه القيادات الدينية والفكرية إلى مهارات الحوار والاتصال وانجاز خارطة عالمية لمشاريع السلام وعبر شراكات منتجة مع كثير من المؤسسات الدولية والقيادات الدينية والثقافية في كثير من دول العالم. وألقى معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية بالمملكة الدكتور نزار بن عبيد مدني، كلمة أكد فيها على أهمية هذا اللقاء في ظل ما يشهده العالم من مخاطر وتحديات غير مسبوقة في مقدمتها أعمال العنف والتطرف والإرهاب التي تتخذ من الدين شعاراً لها والدين منها براء. د.التركي: ضرورة التضامن بين القيادات الدينية وصناع القرار السياسي ناصر النصر: جماعات الإرهاب تستقطب الشباب المهمش من خلال مواقع الإنترنت وأضاف د.مدني في كلمة ألقاها خلال مشاركته في أعمال لقاء "متحدون لمناهضة العنف باسم الدين" أمس الأول أن ربط العنف والإرهاب باسم الدين قصور وتضليل في مهمة الرسائل السماوية الخالدة التي جاءت بها الأديان جميعاً والتي تتفق على إدانة كل فعل يضر بالإنسان وبيئته وحياته أيا كانت عقيدته أو طائفته أو جنسيته، مؤكداً أن زيادة وانتشار أعمال العنف والإرهاب بصورة ملفتة للانتباه أمر يدعو للتوجس والخيفة وأن هذه الأعمال لم تعد موجهة ضد فئة أو مجتمع أو دولة بعينها، وأن أضرارها ومخاطرها تهدد إقليماً أو منطقة دون أخرى وإنما أصبحت شراً مستطيراً يستهدف العالم بأسره، وهو ما يجعل المتخاذلين عن مواجهته يدفعون الثمن غالياً، بل وسوف يكونون في مقدمة ضحاياه حتى وإن ظنوا أنهم بعيدون عن خطره. كما دعا د.التركي في كلمته المشاركين إلى ضرورة التضامن بين القيادات الدينية وصناع القرار السياسي للتأكيد على التصدي لكثير من الظواهر السلبية وفي مقدمتها العنف والإرهاب والتطرف، والجدية في جعل الحوار طريقاً لبناء منظومة عادلة قادرة على مواجهة الأزمات والتحديات التي تؤثر في المسيرة البشرية، مؤكداً أن العنف ظاهرة قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وأشار د.التركي إلى أهمية التركيز على مناقشة الأسباب التي أسهمت في تكوين ظاهرة العنف بشتى أنواعه ومجالاته والتعامل معها بموضوعية وتجرد، لافتاً إلى تعدد الأسباب المثيرة للعنف في عالم اليوم، وفي مقدمتها الظلم والعدوان وانتهاك حرمة المقدسات والرموز الدينية والتصرف تجاه كثير من القضايا بمعايير مزدوجة، وتأثر العدالة الدولية بمعايير غير موضوعية، ونشر ثقافة الكراهية والتمييز على أساس الانتماء الديني أو القومي. ثم ألقى الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات الأستاذ ناصر عبدالعزيز النصر كلمة أثنى فيها على مبادرة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات لتنظيم اللقاء الدولي "متحدون لمناهضة العنف باسم الدين" وجمع القيادات الدينية وممثلي المنظمات الدولية وصناع القرار السياسي في هذا الوقت المهم والذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ظروفاً بالغة الصعوبة. وأكد أن لمنظمة الأممالمتحدة دورا كبيرا في مناهضة العنف والإرهاب ودعم قدرة الدول التي تعاني من هذه الآفة وتشجيع المنظمات المعنية بمحاربة الإرهاب وكذلك المنظمات الدينية ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق هذا الهدف وعبر كافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الحوار، والذي يعد ضرورة لتجاوز المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة العربية، ووقف نزيف الدم الذي يسيل من الشباب المستغلين باسم الدين، وكذلك تفعيل دور المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية في محاصرة الإرهاب وتنفيذ دعاويه، ولاسيما أن جماعات الإرهاب والتطرف تستخدم تقنيات الاتصالات والمعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب المهمش في كثير من المجتمعات وذلك من خلال 4 أهداف رئيسية تتبناها منظمة الأممالمتحدة لتحالف الحضارات لمحاربة الإرهاب والتهميش هي التعليم والشباب والإعلام والهجرة، تتضمن التواصل مع الشباب من مختلف مناطق النزاعات عبر ورش عمل ولقاءات لبيان مخاطر العنف والإرهاب وسبل الاستفادة من التعليم والإعلام في موجهة التطرف بجميع أنواعه وأشكاله. وأوضح المشاركون في اللقاء في بيانهم الختامي على براءة الإسلام الحنيف مما يتعرض له المسلمون من تشويه لتعاليم دينهم وقيمهم ودورهم الحضاري بفعل ما تقوم به بعض الجماعات المسلحة والتي استخدمت الدين لتبرير أفعالها من قتل وتدمير بحق المسلمين وغيرهم، وتدمير للمواقع الدينية وأماكن العبادة. مؤكدين أن فرض نظم وقوانين استبدادية على المواطنين تنم عن أفكار غريبة عن جوهر الثقافة العربية الإسلامية وتتناقض مع تعاليم الإسلام الأصيلة، وتنسف جسور التواصل ليس فقط بين أتباع الأديان المختلفة وإنما أيضا بين أتباع الدين الواحد. وأشار البيان إلى أنه انطلاقاً من دقة المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وتعقيدات ظروفها وأبعادها الإقليمية والدولية واستجابة إلى نداء المتضررين من المشردين والأيتام والأرامل وأسر القتلى على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية، سعت كل القيادات الدينية المشاركة في أعمال اللقاء إلى إيجاد رابط مشترك يؤكد على حق كل إنسان أن يتبع ضميره دون الخوف من الموت أو الدمار وعلى أهمية دور وتعاضد جهود القيادات الدينية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لتحمل المسؤولية التاريخية في مناهضة سوء استخدام الدين لتبرير العنف أو الحض على الكراهية انطلاقاً من تعاليم الأديان والقيم الإنسانية، وعبر الحوار وتعزيز المواطنة وفتح آفاق المستقبل المشترك. وأعلن المشاركون في المؤتمر التزامهم بمجموعة من المبادئ والمبادرات، تتضمن الالتزام باعتماد أسلوب الحوار كأداة أساسية وفعالة في حل النزاعات والخلافات ودعم كل المبادرات والمؤسسات التي تعتمد الحوار منهجاً أساسياً لبناء السلم الأهلي والعيش المشترك وتعزيز المواطنة، والإدانة الصريحة والكاملة لكل ما يتعرض له المواطنون في العراق وسورية من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واستباحة ممنهجة للكرامة الإنسانية، ورفض واستهجان كل عمل يمثل دعماً أو تمويلاً للممارسات الإرهابية التي تحدث في العراق وغيرها من البلدان. وناشد المشاركون في اللقاء قادة الدول وحكوماتها وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس الأمن الدولي للتدخل بالطرق المناسبة لوقف هذه الاعتداءات وإنهاء الصراعات المدمرة للإنسان والحضارة معاً، كما عبر المشاركون في اللقاء عن تضامنهم مع جميع المظلومين والمتضررين من جراء الممارسات الإرهابية وخاصة النازحين الذين شردوا من بيوتهم وأوطانهم، مطالبين القوى السياسية المعنية والمجتمع الدولي بعدم ادخار أي جهد يسهم في تمكين النازحين من العودة إلى مدنهم وقراهم واستعادة حياتهم في بيئتها الطبيعية، وإيجاد حل سريع ومناسب لمعاناة اللاجئين في العراق وسورية ومساعدة الدول التي تستقبلهم، ورفض استغلال الدين في الصراعات السياسية والاستيلاء على رموزه أو استعمالها من قبل المتطرفين كوسيلة للتفرقة أو ممارسة القهر والظلم، كذلك رفض ما يتعرض له الإسلام من تشويه لتعاليمه وتعرض لقيمه من قبل الجماعات التي تحاول الهيمنة على مناطق من سورية والعراق باسم الإسلام، ودعوة ذوي الإرادة الصالحة والمؤمنين لإدانة هذه الممارسة والاتحاد في مواجهتها. وأكد البيان على أن كل مكون ديني أو أثني أو ثقافي أو لغوي في هذه البلدان هو عنصر أصيل متجذر في تاريخها ومساهم في بناء حضارتها وعامل في بناء مستقبلها بالشراكة الكاملة مع إخوانهم وأخواتهم في المواطنة على أسس من المساواة في الحقوق والواجبات والتعاون فيما بينهم، والحفاظ على هذا التنوع في المجتمعات العربية والذي يشكل إرثاً حضارياً وميزة ثقافية. وأشار المشاركون في اللقاء في متن البيان الختامي إلى تجربة العيش المشترك الإسلامي – المسيحي رغم ما شابها من نكسات واضطرابات في بعض الحقب التاريخية، مؤكدين أن هذه التجربة تشكل أحد أعمدة الحضارة العربية الرئيسية وسمة في العلاقات المتنوعة بين المسلمين والمسيحيين. ودعا البيان إلى احترام حقوق الإنسان والحريات دون تمييز وضرورة الاهتمام بحماية حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية باعتبارها ركنا مهماً في منظومة الحريات وعاملاً ضرورياً لحماية التنوع وتعزيز الحوار، مؤكدين على ضرورة تبني قيم المواطنة المشتركة والحاضنة للتنوع كأساس لتحقيق العدل والسلام داخل المجتمعات وفيما بينها مع احترام سيادة الدول والقانون. المشاركون في الملتقى الدكتور التركي في حديث مع د.نزار مدني د.التركي يلقي كلمته