منذ سنوات طويلة والعرب يقولون ان ترتيب البيت العربي من الداخل أهم من إقناع أمريكا وغيرها بعدالة قضايانا العربية.. ومع أن هذه الحقيقة هي من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى تأكيد، إلا أن العرب - والمسلمين أيضاً ! - منغمسون إلى الأذقان في خلافات أبدية وحروب متبادلة جعلتهم في غاية الضعف ولم يعد بوسعهم إقناع الآخرين أو الحصول على أي تعاطف من أي أحد.. فهم يخسرون الأصدقاء ويجعلونهم في صف الخصوم بسبب فشلهم وانقسامهم وخلافاتهم!. ورغم هذه الحقيقة الصارخة، فإن الجهود الصغيرة التي تبذلها منظمات عربية وإسلامية في الخارج للدفاع عن العرب والمسلمين تحقق نتائج طيبة يضعف منها تشرذم العرب والمسلمين في الخارج مثلما هم متشرذمون في الداخل. منذ أيام استطاعت منظمة إسلامية في أمريكا هي مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير» انتزاع نصر كبير للعرب والمسلمين عندما أجبرت شركة بوينج العملاقة التي تصنع الطائرات وشركة بيل هليكوبتر تكسترون ومجلة ناشيونال جورنال الأمريكية على الاعتذار لنشرها إعلاناً قبيحاً يتضمن صورة طائرة تهاجم مبنى كتب عليه «مسجد محمد». وبسبب جهود المجلس وملاحقته للشركتين والمجلة، تم سحب الإعلان ونزل بدلاً عنه بيان عبرت فيه بوينج عن ندمها على نشر الإعلان واعتذارها لكل من جرحت مشاعره بسببه. كما اعتذرت شركة بيل هليكوبتر ومجلة ناشيونال جورنال عن الخطأ الذي تم ارتكابه بنشر ذلك الإعلان. هذا المثال يوضح الإمكانات الواسعة المتاحة في الخارج لتحقيق مكاسب لقضايانا العربية والإسلامية حينما نحسن استغلال الفرص ونبادر إلى توظيفها لصالحنا.. فمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية هو منظمة صغيرة عندما نقارنه باللوبيات الكبرى التي يملكها اليهود وغيرهم في أمريكا.. ومع ذلك استطاع أن يجبر شركة عملاقة مثل بوينج على الاعتذار والتعبير عن الندم ونشر ذلك في بيان علني قرأه الجميع!. لكن الحقيقة هي أن هناك واقعاً مزرياً يعيشه العرب والمسلمون داخل بلدانهم الأصلية وفي المهجر بسبب مشكلات من صنع أيديهم أو كانوا أداة طيعة في إيجادها.. وهذا الواقع هو الذي يحد من تحقيق أي مكاسب حتى لو كان لدينا في كل عاصمة أجنبية مئات المنظمات على غرار مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية. ما فعله المجلس يستحق الشكر والتقدير.. فقد أجبر بوينج وناشيونال جورنال وبيل هليكوبتر على الاعتذار مثلما فعل في مناسبات سابقة مع شركات أخرى.. ونحن نحتاج إلى مثل هذه الجهود التي تعزز صورة العرب والمسلمين، غير أن قبح الواقع القائم يحبط جهود المجلس، وغير المجلس، لأن الصورة هي انعكاس لذلك الواقع.. وفاقد الشيء لا يعطيه.