أولاً وقبل أن نبدأ؛ ندعو بالرحمة لضحايا الإرهاب من مواطنين ورجال أمن، والتعازي الحارة لأهاليهم فما أصعب أن تفجع بفقد حبيب. قد يرى البعض في جريمة الأحساء المفجعة منعطفاً إرهابياً خطيراً، وقد يراها البعض ترجمة وانعكاساً لاحتقان فكري متعصب مبدأه رفض التعايش، وقد يشم فيها البعض رائحة المؤامرة. وكل هذه الأفكار المطروحة في ردود الفعل على هذه الجريمة هي محاولة لفهم ما يحدث، وكلها تشكل جزءاً من الصورة لمحاولة الإجابة على سؤال مهم جداً وهو؛ لماذا؟ فما هو التحور اللا إنساني الذي يبعث روح الجريمة داخل هؤلاء الإرهابيين؟ وهو سؤال مهم جداً. فإنسلاخ الإنسان من انتمائه الوطني، إيهامه بأن الحل لمشكلة مفتعلة في ذهنه يتركز في قتل الأبرياء وزعزعة الأمن، استحداث روح العداء داخله، فصله عن بيئته الطبيعية وتغيير أولوليات ولائه كل هذه عوامل قد تساعد في غسل مخ الإنسان وتحويله لإرهابي يقتات على الكراهية ويسعى لنشرها. في فجيعة «الدالوة» كان التحرك الأمني سريعاً كما هو متوقع، فلا مجال للعبث في أمن الوطن وهي دلالة واضحة على خبرة الجهات الأمنية في التعامل مع هذه الحوادث الإرهابية وتفوقها في ذلك. وكان في التحرك المجتمعي أيضاً رد قوي ضد خطاب الكراهية، فالصوت الذي ارتفع هو صوت التآخي والمحبة، والنماذج الطاغية هي نماذج التفاعل الإنساني وهي ردة الفعل الطبيعية للإنسان السوي الذي يسعى للبناء وليس الهدم. وهذه الصور هي رد عملي لمن يحاولون نشر الفتنة فالتآخي موجود وفي الأزمات يكون التكاثف بين أفراد المجتمع الواحد وتجسد ذلك أثناء تشييع ضحايا الجريمة الإرهابية. الرسالة التي كانت واضحة من خلال ردود الفعل على هذه الجريمة هي أن المجتمع السعودي يرفض الانسياق وراء خطاب الفتنة التي حاول منفذو الجريمة إشعالها. وهي رسالة مهمة جداً يجب أن تتبعها خطوات عملية في تعزيز فكرة التلاحم الوطني.