يدخل القطاع العقاري سنة 2015 وهو محمل بعوامل مستجدة. فهو يدخل مع مرحلة انخفاض اسعار النفط والتوقع بحدوث عجز في الموازنة العامة للدولة، وبدء تطبيق لوائح التمويل العقاري بضرورة سداد 30% من القرض العقاري، وإلغاء صكوك لمساحات شاسعة من الأراضي تتجاوز مساحة لبنان، وتأخر مشاريع وزارة الإسكان. فبينما العاملان الأولان يعتبران مثبطين للقطاع العقاري، فإن العاملين الأخيرين محفزان لهما. فانخفاض أسعار النفط واشتراط 30% من قيم تمويل الرهن العقاري سيجعل البنوك وشركات التمويل أكثر تشدداً في عملية الإقراض العقاري، وسيقع الاختيار فقط على الأكثر والأقدر ملاءة مالية من غيره ما يحد من الطلب في القطاع العقاري ومن المحتمل أن يزيد من ركوده الذي كان أحد علامات 2014. وبينما تريد الحكومة تخفيض أسعار العقار، فإن خطواتها تجاه تخفيض العقار تمشي عكس ماتريده، فتأخر وزارة الاسكان في تنفيذ ما وعدت به، وهو ماتوقعناه في عدة مقالات سابقة، مضافاً اليها الغاء مئات الملايين من الأمتار المربعة من الأراضي في المناطق المكتظة بالسكان في الرياضوجدة، تجعلان من القطاع العقاري يتنفس الصعداء مشجعا القطاع الخاص للدخول بقوة في التطوير والانشاء لسد العجز المتوقع في قطاع الاسكان بالذات. ولعل السيناريو السابق يختصر المسرح المتوقع للقطاع العقاري الخاص بالسعودية لسنة 2015، لكن بعض النظريات الاقتصادية قد ترى أن الركود الاقتصادي الذي سيصيب الاقتصاد السعودي جراء تراجع اسعار النفط، وانخفاض الانفاق الحكمومي المتوقع، وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي، وتراجع سوق الاسهم، قد تكون عوامل مهمة لسحب السيولة من المشاريع الاستثمارية وكذلك سوق الأسهم للتوجه للاستثمار في العقار ما يجعل مزيداً من السيولة تتوجه الى القطاع العقاري. فتراجع الانفاق الحكومي قد يدفع بعض الشركات التي تعتمد على الحكومة ارجاء التوسع في أنشطتها الاستثمارية حتى تتضح الرؤية، وتتوجه للقطاع العقاري كبديل استثماري. وقد يقوم بعض المستثمرين جراء تراجع الشركات من التوسع في أنشطتها الانتاجية الى التوقع بتراجع نمو أرباح تلك الشركات وقد يؤدي الى حفض توزيعات الأرباح أيضا، ومن ثم التوقع بانخفاض أسهم تلك الشركات في سوق الأسهم مايضطره الى سحب السيولة من سوق الاسهم والتوجه الى القطاع العقاري. لذا فإن النظرية التقليدية الاقتصادية التي ترى أن القطاع العقاري ينتعش في وقت الركود الاقتصادي كما شرحنا آليتها هنا ستكون عاملا مساعدا لبقاء السوق العقارية نشطة خلال 2015. وبتلخيص العوامل السابقة الخاصة بالسوق السعودية مع النظرية الاقتصادية، فإن العوامل برمتها تصب في مصلحة العقار باجتذابها السيولة مع تراجع مساحات الأراضي المعدة للعرض جراء الغاء بعض الصكوك، وتعثر وزارة الاسكان في انهاء الوحدات السكنية المتوقعة منها، مع احتمال توجه السيولة من المستثمرين وسوق الأسهم الى القطاع العقاري حسب النظرية الاقتصادية. واذا أضيف الى تلك العوامل السياسات الأخيرة المعلنة من صندوق التنمية العقاري في عودة الاقراض للقطاع الخاص بين 15-30 مليون ريال للاستثمار في قطاع الاسكان، مع توجه وزارة الاسكان لتقديم أكثر من 90% من منتجاتها في صورة قروض وقروض اضافية وأراض فإن ذلك يعني حراكا مهماً للقطاع العقاري قد يكون مفاجأة للجميع. ان الذين لديهم نظرة أخرى عن احتمال تراجع القطاع العقاري معذورون في ذلك لأنهم يبنون امالاً كبيرة على مشاريع وزارة الاسكان مع انخفاض حاد في أسعار النفط لخفض أسعار العقار، ويدعمون ذلك بقراءة خاطئة ومبهمة لتقارير وزارة العدل عن الصفقات العقارية الأسبوعية لتتناسب مع توجهاتهم الخطابية (وليس الكتابة الاحترافية)، لأن ذلك لم يحدث حتى الآن على أرض الواقع. لذا فإن أسعار النفط وتوجه الدولة الانفاقي سيكون أكثر وضوحاً عند اعلان موازنة الدولة في نهاية ديسمبر لنرى مدى صحة وكذلك التأكد من توجه العقار للعام القادم.