باحت الانتخابات التشريعية التونسية بأولى أسرارها بحسب مؤسسات سبر الآراء، في انتظار ما ستكشف عنه صناديق الاقتراع بعد إعلان نتائج الفرز خلال الساعات القليلة القادمة بصفة رسمية. أسرار ستسعد البعض وستخيب آمال البعض، فبالرغم ما يتداول عن ضعف إقبال الناخبين عليها ( 61.8 بالمئة ) وما شابها من تهم التجاوزات والمخالفات التي تراوحت بين البسيط والمؤثر في نزاهتها وشفافيتها فإن المؤكد أنها جرت برغبة جامحة من الجميع في إصلاح ما أفرزته انتخابات 23 أكتوبر 2011 وما أغرقت فيه البلاد من قضايا ومشاكل لم تكن لا من أولويات «الثورة» ولا من مطالبها ولا من استحقاقات مرحلة البناء والنهوض بالوطن. وبحسب مؤسسات سبر الآراء فإن النتائج أفرزت صعود «حركة نداء تونس» بقيادة الباجي قائد السبسي وتقدمها عن حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي وانحدار حليفيه «حزب المؤتمر» بقيادة الرئيس المؤقت منصف المرزوقي و»التكتل» بقيادة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر الى أسفل المراتب مقابل صعود الجبهة الشعبية مما يدل مبدئيا على معاقبة الناخبين لأحزاب الترويكا التي بوؤوها أبرز المراكز في الانتخابات السابقة بعدما باعته وعودا كالسراب وأدخلته في متاهات كانت نتيجتها استفحال الإرهاب والبطالة وغلاء المعيشة. وبرغم ذلك ما سيتأكد قادما من نتائج فإن الجميع يؤكد نجاح تونس في بلوغها لهذا الاستحقاق الانتخابي في كنف أجواء هادئة أمّنها وعي الطبقة السياسية بدقة المرحلة ويقظة المؤسستين العسكرية والأمنية اللتان كانتا خير حصن لها في وقت فارق تنامت فيه تحركات العناصر الإرهابية في كل الاتجاهات لإفشال هذا الاستحقاق الانتخابي. الانتخابات التشريعية الحالية التي ستفرز نتائجها الحزب أو الائتلاف أو التوافق البرلماني الذي سيشكل الحكومة القادمة ستعقبها قريبا الانتخابات الرئاسية نهاية شهر نوفمبر القادم وسيتوجه الناخبون إلى مكاتب الاقتراع مجددا لانتخاب رئيس تونس القادم من بين 27 مترشحا هم خليط من رجال السياسة والمال وأيضا من بعض من أغراهم كرسي السيادة زادهم الطموح وبريق السلطة لا غير.