لا تقف الأعوام الجديدة على الأبواب.. وتظل تقرعها.. في انتظار من يفتح لها.. أو يصفق الباب عليها.. ولاتنتظر منا أن نمهلها.. أو نطلب منها المغادرة لتحضر غداً.. أو في الوقت الذي نراه مناسباً.. لحضورها.. بل هي تأتي عندما تحين لحظتها.. وتدور دائرتها.. فالأعوام دوارة.. لكن نحن من نبقى في مركز الدائرة لانستوعب أبداً الدروس بأن علينا أن نساير هذا الدوران.. ونرافقه بالترتيب وليس بالصدفة.. ونستقرئ طياته.. وتفاصيله.. إما تصالحاً معه وهوالأفضل.. أو استيعاباً بفهم.. لتفاصيل دورة عام كامل.. وحصادها.. ومن ثم اختصار ذلك في مفردة واحدة.. تختصر قاموس أحداث سنة طويلة.. لتدخل منها إلى السنة الجديدة..! أمس بدأ عام هجري جديد 1436هجري.. بدأت سنة جديدة.. صفحة بيضاء.. يفترض أنه لاخلفها شيء.. ولكن أمامها الكثير.. من الأشياء.. سنة دخلت لنا من أبواب كثيرة.. وعلينا أن نفتحها.. سنة تمتد أيامها في الأفق.. بقواعدها التي لاتتغير.. وهي أننا نحن من نكتب صفحاتها بما نقول وبما نفعل.. نعبئ أيامها بقطرات من الحياة إن أردنا.. أو نغرقها بأمواج من الانكسارات والهزائم..! مشكلة الإنسان الاعتيادية أنه تتشابه عليه السنوات والمواسم.. وبالتالي لايصرّف موسماً ليدخل في آخر.. بعكس ما هو معلوم.. إنك لابد أن تقرأ ما مضى لتهرول لتعرف كيف ستتعامل مع الحاضر.. سنة جديدة ينبغي أن لاتخلو من الحلم.. فلايوجد إنسان لا أحلام له.. أياً كانت.. وإلا تحول العالم إلى كتلة من الملل والرتابة.. التي تفقدك المبرر من مواصلة الحياة الطبيعية..!! سنة جديدة تقتضي الشجاعة أن نستقبلها بالحب.. مهما كانت ملامح الصورة يائسة وسوداوية.. الحب بمعناه الشمولي والإنساني.. الذي يكسرأبواب الألم.. ويمسك بخيوط الأمل ليطلقها في الهواء.. ويجعلها مسرح الطبيعة.. سنة جديدة.. نستقبل فيها الأيام بلا شروط تفاوض ولاخوف من أن تكون إطلالتها الأولى هي الضفة الوحيدة التي يمكن أن نتكئ عليها.. ولكن نراها بأعين جديدة ومختلفة.. أعين باحثة عن الحياة.. ترى السلام الحقيقي الداخلي قبل أن تعيشه.. أو تحلم به..! سنة جديدة لاينبغي أن ترثي فيها أحلامك التي لم تتحقق.. ولانفسك التي لم تساعدك على ماكنت تريده.. ولاما عجزت أن تستمتع به من اكتشافات.. ولكن إن أردتها كما تريد أن تعيشها.. فلابد أن تبدأ من ذاتك.. بعيداً عن الاختباء تحت قاموس الخوف والفزع.. بأنك فقدت الكثير في الأعوام الماضية ومن الصعب أن تحقق شيئاً هذا العام.. المشكلة أن الناس تسعى دائماً الى تعزيز الأحكام النمطية على حساب القدرات التي تمتلكها.. وعلى حساب موضوعية أحكامها.. تغوص في مخاوفها على حساب أحلامها.. تبدأ دائماً عملية التصادم والرفض والتعايش مع الفقد والعجز قبل أن تفكر بإمكانية أن يحدث الأمر.. والعقل هنا يلعب دوره من خلال برمجته على نمطية التفكير الواحد.. والخط الرئيسي مع أنه توجد خطوط فرعية في الحياة قد توصلك بسهولة لأحلامك..!! ونحن نلامس فصل الخريف ها هي السنة الماضية تسقط أيامها كأوراق الخريف.. نودعها ولكن نعجز عن أن نلملم هذه الأوراق.. أوراق عمرنا.. الذي مضى.. والتي وإن تساقطت وتمزقت.. إلا أنهاخلفت في دواخلنا خبرات كثيرة لم نكن نعرفها أو نستوعبها ربما لأن الفهم يأتي مرتبطاً بالسنين..!! سنة جديدة.. لا تثقلوها بالهموم.. بل حاصروها بالسلام الداخلي.. وبالمعرفة.. فأرواحنا مدن مفتوحة على الايام من حق كل منا أن يعرفها ويلامسها.. سنة جديدة لايليق بها أن ترثي الماضي.. ولاتتعلق بسأم الذاكرة.. بل عليها أن ترتوي بالحياة.. وبياض الأمل.. وتفاصيل الجمال.. والسر الذي مناصه العقل.. تحرره من كل أثقاله.. وأوجاعه.. وهفواته.. تربطه بالتأملات.. والامتداد الأخضر.. تفرض أحلامه مهما كانت صعوبتها وتحتضنها.. بمزاج تفاؤلي لايرتعد.. ولايتوقف عن البحث عما يريده.. سنة جديدة مغلفة بالتسامح.. والفرح.. والرؤية على كل الطرقات المظلمة..! كل سنة جديدة وأنتم بسلام.. ومحبة وصحة وعافية.. وقدرة على التعويض.. لما فاتكم.. حتى تستطيعو اأن تقولوا إنكم عشتم تلك الأيام والتي تصبح بعد مرور كل يوم.. أياما ماضية..!!