هل فكر أحدكم في علاقة الحب بالطعام؟ مؤكد أننا لا إراديا نربط مشاعر الحب بالطعام، فنحن نحتفي بضيوفنا بتقديم أصناف الطعام، نهدي لأحبائنا الحلوى لنعبر عن مشاعر الحب والفرحة، نصنع الحلوى على شكل القلوب لأنها تعبر باختصار عن عاطفة، يتبادل الجيران أطباق الطعام ليظهروا مودتهم وكرمهم واستعدادهم لمد جسور العلاقة، يستمتع أفراد الأسرة والأصدقاء عندما يجتمعون على مائدة الطعام وترتبط كثير من الذكريات الجميلة بالطعام، يبدو منظر الأم جميلا وهي تطهو الطعام، وتقدمه لزوجها وأبنائها بحنان واهتمام، الحقيقة أنه لا حياة في بيت لا طعام فيه، ولا يكتمل اللقاء ولا تحلو الجلسة إلا بالطعام. حتى الرجال أصبحوا يشاركون في طهي الطعام فإعداده وتقديمه لم يعد وقفا على المرأة لأنه يشكل بالنسبة لهم وسيلة للتعبير عن الحب والرعاية والعطاء، وقد لوحظ أن بعض الرجال الذين يتقنون الطهي يتمتعون بكثير من الحساسية والسخاء والقدرة على الإبداع. ولكن ما الذي يربط مشاعر الحب بالطعام؟ إنه حب الطعام الفطري في الإنسان، يقول جورج برنارد شو: "لا يوجد حب أصدق من حب الطعام" فالكل يستمتع بالتجربة الحسية للطعام، ورائحة الطعام تجتذب الناس من كل مكان، وتثير لديهم كثيرا من المشاعر الجميلة. "أقرب طريق لقلب الرجل معدته" هذا القول القديم لم يأت من فراغ، ورغم عدم اتفاق الجميع على فكرته فإنه من المؤكد أن الطعام يلعب دورا في العلاقات، فهو عامل يضاف إلى الشعور الأساسي، وقد عبر أحدهم في حوار دار حول الفكرة أن طهي الطعام له يشعره أنه محبوب، وهو يعتقد أن الطعام سيكون ألذ إذا قدم من المرأة التي يحبها، وهناك تفسير يقول ان الزوجة التي تجيد طهي الطعام تذكر الرجل بأمه، وربما أن قيام الزوجة بطهي الطعام يطمئن الزوج، ويجعله يتوقع أن أسرته ستلقى الرعاية المنتظرة. من القصص الطريفة التي تدور حول هذا المعنى ما أورده المبرد في كتابه الكامل في اللغة والأدب "أن أبا القمائم بن بحر السقّاء عشق جارية مدينية، فبعث إليها أن إخوانا لي زاروني فابعثي إلي برؤوس حتى نأكلها، ونصطبح على ذكرك ففعلت. فلما كان اليوم الثاني بعث إليها أن القوم مقيمون لم نفترق فابعثي إلي بقليّةٍ جزر ريّةٍ وبقريّةٍ قديّةٍ حتى نتغذاها، ونصطبح على ذكرك. فلما كان اليوم الثالث بعث إليها إنا لم نفترق فابعثي إلي بسنبوسك حتى نصطبح اليوم على ذكرك. فقالت لرسوله: إني رأيت الحب يحل في القلب ويفيض إلى الكبد والأحشاء، وإن حب صاحبنا هذا ليس يجاوز المعدة"!