نتفق جميعا أننا محاطون بكم كبير من المعلومات وان وصولنا لهذه المعلومات سهل وسريع بفضل محركات البحث العامة والمتخصصة، فمثلاً أي محرك بحث إنترنتي قد يأتيك بالمعلومة خلال ثوان بمجرد طباعتك لما تبحث عنه في خانة البحث. وأنت مهمتك تنحصر في فلترة هذه المعلومات والذي يعتمد على قدراتك في تقييم المعلومات، مثلا لدي صديقة تعتمد في تشخيص أي عرض صحي تصاب به على ما تجده في الانترنت وبما انها ليست طبيبة وليس لديها خلفية طبية أو علمية كافية تؤهلها لنقد هذه المعلومات التي تقرأها فإن صداعا بسيطا قد يتترجم في ذهنها إلى ورم في الرأس، وجود بثور على جلدها تترجم حسب المعلومات التي تقرأها إلى مرض جلدي خطير. كل هذا يجعلها في حالة توتر وقلق، وهي شخصية قلقة بالفطرة لينتهي قلقها بزيارة للطبيبة تطمئنها على صحتها الجسدية وتجعلها تعيد النظر في تركيبة القلق الذاتي الذي تعيشه وهذا مجرد مثال بسيط لكيفية تعاطينا مع المعلومات المتاحة لنا وهو مثال على كيف يمكن أن تضللنا المعلومة. فالمعلومات التي توصلت لها صديقتي ليست خاطئة لكنها لا تنطبق على حالتها فالمشكلة هنا ليست في المعلومة بل في التعاطي مع المعلومة. المعلومة الناقصة أو المجترة تؤثر كثيراً على تقييمنا للموضوع الذي نبحث عنه. البحث عن المعلومة في المصادر الخاطئة أو غير الموثقة أيضاً يؤثر على موضوعيتنا. يمكنك مثلاً أن تستخدم محركات البحث أو الشبكات الاجتماعية للبحث عن علاج للسكر فستجد كثيراً من الخلطات العشبية المقترحة التي لم تثبت فعاليتها ولم ينظر لتأثيراتها الجانبية وقد تختار تجريبها وإهمال خطة العلاج الطبية المتبعة في هذه الحالة مما قد يؤثر عليك سلبياً. قد تبحث عن معلومة تاريخية فتجد كثيراً من المدونات التي تذكر لك وقائع تاريخية مختلفة متضاربة في تفاصيلها بدون أن تشير لمرجع وثائقي رسمي في هذه الحالة أنت تعمل قدرتك التحليلية وما تعلمته في مقارنة الوقائع والعودة للمراجع لتوثيق ما تقرأه. أنت محاط بكم كبير من المعلومات، وهذا شيء جميل ويشكل مصدراً إثرائياً معرفياً لكن ما نحتاج أن نطوره هي قدرتنا على تحليل هذه المعلومات والتعاطي معها والتحقق منها ومناقشتها بمنطقية حتى نكون مخزوننا المعرفي الذاتي المنقح الذي نستفيد منه بدون أن يضللنا أو يجعلنا ندور في متاهات. التفكير النقدي هو ما نحتاج أن نطوره أن نقرأ ونسأل ونفكر فيما نقرأه وما نسمعه وما يمر علينا.