إطلاق القوة النووية قد غيّر كل شيء عدا طريقة تفكيرنا.. الحل لهذه المشكلة يكمن في قلب البشرية. ولو كنت أعلم، لأصبحت صانع ساعات(البرت انشتين) يتجه العالم لمزيد من الانفتاح والتغير فمن ميادين التقنية الاقتصادية السيليكونية إلى ميدان التقنية عبر الانترنت، إلا أننا نحن العرب لدينا طريقتنا الخاصة في التعامل مع التقنية، فهي أداة نستخدمها حسب فهمنا الخاص لطبيعتها، ولكل منا دور بغض النظر عن اختلافه نلعبه في ميدان تسارعها المحموم بالتجدد، فتسخير التقنية ينطوي على عدد غير محدود من الأفعال، والعديد من هذه الأفعال يجب أن يتواصل بروح تعاونية، ونقطة البداية هي الحدود الفاصلة بين مالدينا وما نريده، وفتح الحدود على العالم الخارجي من خلال تقنية الانترنت أثرت عالمنا الفكري والثقافي والنفسي بعد أن كنا نعيش في قحط ثقافي وعلمي. لكل منا قصة عن الشجاعة والخوف، الحب والخسران، التضحية والأنانية يمكن أن نرويها بجملة أو في كتاب، وبطبيعتنا الإنسانية قد ننظر للعالم بأنه سيئ التنظيم وأينما ذهبنا وجدنا العوائق، وعالم الانترنت كثف الحضور الإنساني بجميع ثقافاته وعلمه وتجاربه ونقل لنا كل ما يدور في الضفة الأخرى من العالم فهي ميدان يتسع لكل لون فريد لم يأتِ بعد، لتتوحد مشاعر البشر وحكاياتهم وتتواصل عبر لغة الانترنت التي ألغت جميع المسافات وتخطت حواجز الزمن لننظر لبعضنا كماض يمتد عبره مضارع الزمن ويحكمه أمر الواقع الحالي. إن ميادين الانترنت ينبغي أن تؤخذ على أساس أنها تسهيلات يمكن ان يظهر منها المواهب والخبرات لتجسيد الإمكانيات وتعزيز الهوية والفكر، ولكن عند مقارنتي بين المواقع العربية والمواقع الأجنبية أصاب بالذهول والحسرة فعند بحثي عن أي معلومة وبالذات العلمية في اللغة العربية لا أجد معلومات وافية لما أريد وبمجرد تحولي للغة الإنجليزية أجد بحراً من المعلومات عن أي موضوع أريده، ثقافة نشر المعلومة وتعزيز تواجدها في الانترنت لتكون متاحة لكل قارئ ومستفيد وباحث هي واحدة من أقوى آليات التغيير في العالم، وحيث إن هذا التمازج الثقافي عبر الانترنت يعمد إلى ترسيخ ثقافة وقيم البلد المصدر للمعلومة وهذا يؤدي بدوره إلى ما أسماه عبدالنور إدريس وهو باحث من المغرب ب"الصدمة الالكترونية" وتعني التحول من الانبهار بالواقع الافتراضي للبلد المصدّر للمعلومة إلى الاصطدام بالواقع الفعلي للبلد، فمن الطبيعي أن تتكامل الحضارات أو تتداخل، ومن البديهي أن تتحد المعارف، ولكن غير الطبيعي أن نسير ونحن مجتمع بلا حصانة ثقافية، وبلا تجربة وسط هذا العالم الافتراضي الذي يشكل محور لولادة ثقافة انترنتية مرهون بقاؤها بمدى تكيفها الخاضع لبنود الاستمرارية عبر فضائها الشاسع. السؤال كم المدة التي تستغرقها مجتمعاتنا العربية لتتخطى حاجز ما بعد التخلف الثقافي؟ قد تكون الإجابة صادمة ولكن لماذا لا والصدمة تفيق أحيانا!.