بعد أن اقتحمت الذبذبات الإلكترونية تفاصيل حياتنا، واصبحت شاشة الموبايل هي اول ما تقع اعيننا عليه كل يوم، وصارت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة الاتصال الفعالة التي ما أن انقطعت حتى تصبح معزولا عن العالم، نعم تلك الذبابات لم تمر مرور الكرام، فقد غيرت حياتنا تغييراً جذرياً غير متوقع. لا شك ان اقتحام الانترنت لحياتنا لم يسلم منه الجانب الاجتماعي، فمع هذا الغزو الالكتروني الذي غير لنا طباعنا الشخصية، وأعاد صياغة بعض القواعد الاجتماعية، فقد أصبحنا نستنكر عندما لا يمتلك أحد ما حسابا في أحد مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الوقت، وأضاف لنا واجبا من واجبات الضيافة وهو ان تعطي ضيفك اسم الشبكة الخاصة بمنزلك والرقم السري، وأنه عندما تضغط على زر فولو (متابعة) للطرف الآخر دليل علي تقديرك له واعتزازك به، والضغط على زر انفولو (إلغاء المتابعة) ليس سببا لإنهاء العلاقة في العالم الافتراضي فحسب، بل يصطحبه إنهاء العلاقة في العالم الواقعي ايضا، ونشوء كراهية وبغضاء بين الطرفين، وكل هذا بسبب المبالغة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وأخذها علي محمل الجد واكثر من ذلك، إضافة إلى عدم القدرة علي الفصل بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي. أما اذا اخذنا موضوع الانترنت من الناحية الصحية، فهنالك الكثير والكثير من الاثار البدنية والنفسية المختلفة سواء أكانت قصيرة المدى ام طويلة المدي، وتشمل التوتر والقلق وإجهاد عضلات العين والتسبب بالآلام للعضلات والمفاصل والعمود الفقري، وسبباً رئيسياً لزيادة معدلات الإصابة بالأرق وزيادة الوزن نتيجة لعدم الحركة. تصوروا أعزائي القراء الحال اذا انقطع الانترنت عن البيت لمدة ساعة؟ باختصار الوضع يتمثل بشلل تام في جميع المرافق الحيوية والتنموية في البيت، فالأسرة لا تهدأ ولا تستكين الا برجوع خدمة الانترنت، هذا الادمان الذي أصابنا جعلنا لا نطيق الحياة بدون الانترنت، حتي انه في دولة الصين والتي تحتل النسبة الاعظم في ادمان الانترنت حول العالم فإن عدد المصابين بإدمان التقنية في الصين وصل 200 مليون مدمن، ونظراً لهذا العدد المرعب أوجدت حكومة الصين علاجاً للشفاء من هذا الادمان، وهو اقامة 25 معسكرا يتسم بسمات النظام العسكري الصارم، معتقدين بأن التعليم والعيش في حياة عسكرية صعبة يجعل المدمن أكثر تهذيبا ويعيد له القدرة على ممارسة حياة طبيعية متزنة، وإلي جانب التدريبات العسكرية شمل البرنامج العلاجي الذي يمتد من اربعة أشهر إلي ثمانية أشهر دروساً في الرقص والموسيقى والطبخ. الجميع يفتقد متعة الحياة قبل ظهور الانترنت، وكيف كان عمق الترابط الأسري، ومدى التواصل بين الأهل والأقرباء، وعدم رضاهم عما سببه الانترنت من آثار سلبية كالانقطاع الاجتماعي وقلة التواصل بين الأفراد ، لكني اعتقد في رايي الشخصي الانترنت ما زاد الحياة الا جمالاً وروعةً وتسهيلاً، والانترنت يعتمد على الشخص الذي يستخدمه، فإذا اعتدل في الاستخدام لن تتبعه أي أثار سلبية سواء أكانت اجتماعية أم صحية، ما رأيكم أنتم؟