كل يوم يمر على التحالف الدولي ضد الارهاب تتزايد التحديات التي تواجهه ومن اهمها التشكيك في اهدافه، وهذا امر طبيعي فهناك من يعارض قيام التحالف ابتداء كجماعة الاخوان المسلمين الحاضنة الام لجماعات الارهاب " الاسلامية " في العصر الحديث، وتتم هذه المعارضة عبر علماء الإضرار من خلال هيئة علماء الاخوان المسلمين المسماة زيفا وضرارا "هيئة علماء المسلمين " وهذا موقف متكرر من الجماعة عندما تتعرض الامة لخطر داهم طمعا في تحقيق مكاسب دنيئة على حساب اشلاء ابنائها ولو كان الثمن دمار الامة وتمزقها، وهذا نتاج طبيعي لفكر وعقائد الجماعة " الخارجية " ولإدراكهم ان هذا التحالف ما كان ليتم لولا الجهود الدبلوماسية السعودية التي قادها خادم الحرمين الشريفين ايده الله بنصره وتوفيقه في اقناع العالم المتحضر بأن هذا الارهاب متوجه للقضاء على الحضارة الانسانية جمعاء ما يعني ان الجماعة تعي للمرة الاولى ان المملكة عادت لموقعها الحقيقي كمركز للاعتدال الاسلامي وهو الموقع الذي طالما سعت الجماعة للحصول عليه ونجحت فيه جزئيا لدى بعض الدوائر الغربية مستغلة فترة استرخاء وانشغال سعودية استمرت سنوات، وهناك من يعارض لعدم اشراكه في التحالف مثل ايران بسبب تحو ل المنظور والموقف الدولي الى المنظور والموقف السعودي المتمثل في ان هذا الارهاب لا حدود له ومواجهته تتطلب اضافة للبعد الامني والعسكري تجفيف منابعه الفكرية والمالية ورفع المظالم التي تعرض لها اهل السنة في العراق وسورية من قبل القوى الطائفية الاقصائية المرتبطة بالحرس الثوري الايراني وبالتالي تدرك ايران ان نفوذها وأطماعها الاقليمية التوسعية في خطر حقيقي فالإيرانيون وهم اهل باع طويل وعمق سياسي يدركون ان تحول الولاياتالمتحدةالامريكية عن التنسيق معهم في بداية ظهور داعش، والدعم الامريكي لإزاحة رجلهم القوي في بغداد وموافقة امريكا على وضع المشكلة في الاطار الدولي يعني تحولا جذريا للموقف الامريكي يقوم على قناعة بالرؤية السعودية لقضية الارهاب المزمنة في المنطقة والتي تمثل مسوخ داعش أحدث صورها ويؤكد هذا ان المعارضة الايرانية للتحالف الدولي التي لم تحتد الا بعدما انعقد مؤتمر جدة وخرج البيان الختامي موافقا للرؤية السعودية وازدادت حدة الموقف الايراني بعد خطاب الرئيس اوباما الذي اعلن فيه قيام التحالف الدولي والمبني ايضا على التصور السعودي لحل ومواجهة الازمة. وهناك ... وما ادراك ما هناك ... هناك الغوغائيون والمرتزقة وفرقة حسب الله وما اكثرهم في وسائل الإعلام العربية التقليدية والحديثة، يرددون بوعي او بدونه مقولات ورسائل الارهابيين والمتضررين من قيام تحالف دولي جديد فكان لهذه الكثرة دورها في التشويش على التحالف وأهدافه وكيفية قيامه، هذه خلاصة الموقف المعارض للتحالف اليوم. وفي الجانب الاخر المؤيد للتحالف هناك تركيا وموقفها المتردد تقدم خطوة وتتراجع خطوة اخرى ويبدو ان العواطف الايدلوجية لحزب العدالة تتنازع والمصالح الوطنية التركية ولا اظن الامر يطول كثيرا فالعراقة الدبلوماسية التركية والتجربة الاكثر نضوجا لحزب العدالة العلماني الاسلامي سوف تتمكن من وضع تركيا على الطريق الصحيح.. ولاشك ان لتركيا الحديثة دورا ضروريا لنجاح التحالف الدولي لاجتثاث الارهاب الذي عنوانه الظاهر داعش . وهناك الدول الاساس في بناء تحالف دولي وفي مقدمتها المملكة تعيد هذه الازمة كشف حقيقة تقدم المؤسسة الدبلوماسية والمؤسسة الامنية بسنوات ضوئية عن باقي المؤسسات الاعلامية والثقافية والدينية والتعليمية في فهم طبيعة المواجهة وبالتالي قدرتها على كيفية التعامل معها وهذا القصور يمثل نقطة ضعف واضحة لأهداف التحالف والمواجهة التي سوف تكون عملية انجازها طويلة الاجل ويتمثل ضعفها في عدم القدرة على توفير القوة الناعمة اللازمة في مثل هذا النوع من الازمات والتي تتطلب جهودا حثيثة ومستمرة لاستمرار الدعم والحشد الشعبي اللازم والحفاظ عليه، فلاتزال معظم مكونات هذه المؤسسات في حالة استرخاء غريبة ومخيفة وكاأن ما يحدث في مناطق العمليات لا يعنينا بشكل مباشر! هذا ملخص الموقف لدول التحالف، وبجمع الخلاصتين معا يتضح لماذا يعيش الناس في اجواء خطيرة من التشويش بل خطيرة جدا. ينشط فيها المتضررون من التحالف من قوى الارهاب الارضية ومن الإيرانيين للأسباب السابقة ويغط فيها كثير من المرتبطة مصالحهم ووجودهم بهذا التحالف في لهو وسبات وغفلة مريعة والبعض الاخر لا يدري ما الامر !! التحالفات التي تبنى لأهداف انسانية مثل التحالف الدولي لمواجهة الارهاب المستوطن في منطقتنا تتطلب وقتا واستراتيجيات تبنى وتتغير بناء لمجريات الاحداث على الارض ووفق المعطيات الحقيقية وتتناسب وطبيعة العدو وحواضنه على الارض وروافده الفكرية التي تقدمها الجماعات الارهابية وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين الحاضنة الرئيسة للفكر الإرهابي المنسوب ظلما وعدوانا لأهل السنة والجماعة تحت مظلة السلفية، تتطلب هدوءا في التعامل معها ومعالجة العوامل المؤججة له ومن اهمها إصلاح الاخطاء الكارثية التي تمت ولا تزال من قبل القوى والمليشيات الطائفية الاقصائية الشيعية في العراق وسورية. المواجهات العسكرية تقع فيها اخطاء هذا مؤكد فلابد لها من ضحايا حتى من قوات التحالف فهي ليست لعبة من العاب سوني، لم تعد المواجهات تتم وفق الشكل التقليدي، المواجهة والمبارزة المباشرة في ميدان محدد، والعدو ليس عدوا تقليديا فهو جيش عصابات مكون عقائديا من مجاميع شبابية من المغرر بهم ، ربوا على عقائد الخوارج والمعتزلة الذين لا يرون إعمار الارض فهم على الحقيقة التي اساسها عصمة الدم والنفس الا بالحق وفق منهج اهل السنة والجماعة لذلك نرى انهم لا يبحثون عن اقامة دولة قدر بحثهم عن الموت والاسلوب المفضل لهم الانتحار بالطرق السريعة والمضمونة وصولا " للجنة " زين لهم شياطين الجن والانس هذا التصور والمعتقد الفاسد. كذلك يجب ان نتفهم بعض مواقف بعض دول التحالف وتردد البعض وبطء وتيرة مشاركتها في العمليات وطبيعة المشاركة رغم التزامها بالتحالف واهدافه، فالتعقيدات الداخلية والمصالح العامة والخاصة تتداخل لذا الحسابات تختلف من بلد لآخر، فالدول المستقرة سياسيا والقائمة على تلاحم شعبي داعم للقيادة السياسية والتي لا تواجه انقساما سياسيا يفرض عليها ضرورة اخذ حسابات القوى السياسية الداخلية الاخرى، مثل المملكة والامارات وقطر تستطيع اخذ مواقف متقدمة عن تلك الدول التي يفرض واقعها السياسي ان تكون خطواتها بطيئة ولهذا لا ينبغي ان يتخذ من هذا مرتكزا للتشكيك في التحالف واهدافه فهذه طبيعة المسائل الكبرى من هذا النوع فنحن يا سادة امام حرب اممية ثالثة طويلة الامد محدودة النطاق الجغرافي. يجب ان يدرك الجميع خصوصا في الداخل السعودي ان المواقف القيادية والريادية للمملكة في بناء التحالف الدولي ضد الارهاب فرضتها المصالح الاستراتيجية للمملكة المبنية على واجبها تجاه دينها وشعبها وأمتها وخيارها الاسلامي الوسطي ومسؤوليتها الانسانية، وهو ما يفسر تعدد المبادرات المتوالية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نصره الله المتوالية لاستنهاض العالم المتحضر لمواجهة الارهاب والتحذير من خطره على الانسانية وهو ما يفسر ايضا الخطوات الجريئة والواضحة المعالم التي اتخذتها المملكة تجاه المحرضين والداعمين للإرهاب وتجريم الجماعة الام الحاضنة للإرهاب "الإسلامي" في العصر الحديث الاخوان المسلمين ومعاقبة المشاركين في مواطن الفتن من أبنائها وتشديد الخناق على الممولين للإرهاب اضافة الى المبادرات الدولية المتعاقبة. لا ينبغي ان نترك المجال للمشككين في أهدافنا من بناء هذا التحالف أن يقللوا من دورنا القيادي والريادي للمملكة تحديدا، وبقية دول التحالف الخليجية العربية ولا يجوز ان نسكت على جهل من يتكلم عن استراتيجيات المواجهات لمثل هذه الازمات الامنية كمن يتحدث عن خطط مباريات كرة القدم دون ان يفقه ابجدياتها واسسها المعرفية وتتوافر لديه الخبرات والمهارات اللازمة. آن الاوان ان يشارك السعوديون بكل فعالية في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لمحاربة الارهاب والتي كان من ثماره التحالف الدولي لمحاربة داعش ومن يقف خلفها الامر الي يتطلب من المؤسسة الدبلوماسية والمؤسسة الامنية الاكثر نشاطا ومبادرة في حرب المملكة على الارهاب، العمل سريعا لوضع الامة السعودية افرادها ونخبها في صورة الحدث بكل شفافية وموضوعية من خلال جهود اعلامية اتصالية احترافية مهنية فخطر الارهاب ليس موجها للدولة فقط فهو متوجه مباشرة لمواطني المملكة، يستهدف امنهم واستقرارهم ورخاءهم ومواجهته لن تنجح من غيرهم فهم خط الدفاع الاول وهو ما اثبته السعوديون والخليجيون في اكثر من موقف وفي اكثر من ازمة وبالتالي يجب على الإعلاميين والمثقفين والعلماء والتربويين ان يتركوا الكسل والتكاسل والتواكل وان يقوموا بأدوارهم في هذه المواجهة التي لا تهدد كياننا بل تهدد ديننا ذاته وهي ازمة اشد واخطر من ازمة احتلال الكويت، حفظ الله ديننا ووطننا وقيادتنا وخليجنا وامتنا.. * عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام ورئيس تحرير جريدة «المسلمون» الأسبق