تتطلب المواجهة مع الإرهاب استراتيجية شاملة قادرة على تجفيف روافده وداعميه مادياً ومعنوياً من فلول الإخوان.. استراتيجية قادرة كذلك على كشف الخونة والمنافقين الذين تسارعوا لتشكيل طابور خامس يوفر الغطاء للمسوخ الإرهابية يخذل ويلبس على عامة الناس ويفتن الشباب ليكون وقوداً لطموحاته ومغامراته، وهؤلاء تعودنا على نشازهم عندما يتعرض أمننا الوطني للخطر المحدق، حيث مارسوا هذه الخيبة عندما احتل صدام الكويت ويعيدون تكرار الأمر عندما تشكّل التحالف الدولي لمواجهة قوى الإرهاب من المسوخ التي صنعتها ثقافتهم وفكرهم الخارجي التكفيري. لقد أفزعهم أن تلتقي الأمم على رؤية المملكة التي تزاوج بين العمل الأمني والعمل الفكري، أزعجهم التجاوب الدولي لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لمواجهة الإرهاب، يقلقهم أن تعود الولاياتالمتحدة لتتبنى الرؤية السعودية لمواجهة الإرهاب. لاشك أن قراءتهم للتحول الدولي وتحديداً الأمريكي تعني ادراكهم أن المعادلة الدولية لن تكون في صالح مشروعهم التضليلي الذي استثمروا فيه سنوات من التآمر على أوطانهم ومجتمعاتهم طمعاً في الجلوس على عرش السلطة، وبما أنهم لا يملكون معرفة دينية صحيحة ولا يتوافرون على خبرات سياسية أصيلة، نجدهم يرتكبون الخطأ مرة تلو الأخرى ويمارسون خطيئة خيانة الأمة بكل صفاقة، بالأمس البعيد جلسوا مع الأمريكي في واشنطن وغيرها من المدن لتنفيذ مشروع الفوضى المدمرة (يسمونها بالخلاقة) وتفاهموا، نسقوا كذلك مع الإيراني وبالأمس القريب يستجدون الأمريكي ليتدخل في ليبيا ومصر وسورية، حينها كان الأمريكان مرضياً عنهم فالغاية عندهم تبرر الوسيلة تماماً مثل أسلافهم الخوارج يريدون الوصول مهما كان الثمن، أما اليوم لما تحالفت الأمم مع دول المنطقة لاجتثاث ربائبهم داعش والنصرة وخرسان وأحرار الشام تعالت عقائر أبواقهم في الداخل والخارج تشكك تارة وتحرّض أخرى. إن من يعرف منهجهم ويحلل حراكهم على الأرض يدرك أن هدفهم الآني سوف يكون زعزعة اللحمة الوطنية بمحاولة إثارة الرأي العام، من خلال الآلة الضخمة والمنظمة التي يمتلكونها لتضخيم رأيهم المعارض والعمل على إيهام الناس أنه رأي عام للضغط ولتشتيت الجهود المحلية والإقليمية والدولية في استماتة يائسة لحماية عناوين الإرهاب بحجج واهية يكذبها سلوكهم السياسي المليء بالخيانات وتقديم المصالح الحزبية الضيقة على مصالح الأمة الكبرى، وسوف تبرز للمشهد الإعلامي والاتصالي قيمهم الحقيقية والمتمثلة في الكذب والفجور في الخصومة ونقض العهد والانتهازية كل هذا بمسوغ الممارسة السياسية؛ فالغاية تبرر الوسيلة وهو منهج أسلافهم الخوارج. مدخلهم المفضل للتلبيس على مواطني المملكة العمل على تشكيكهم في قيادتهم وفي الدولة ومواقفها ومدى التزامها الديني، وبالتالي التشكيك في مؤسساتها، ويتتبعون آراء وسقطات البعض لتأكيد مزاعمهم من أن الدولة تخلت عن الشريعة وأنها تمكن للعلمانيين والليبراليين (الذين يكفرونهم ابتداء)، مستشهدين بما يُكتب ويقال، لمزيد من التغرير بالشباب وتهيئتهم لتجنيدهم في حروبهم ومغامراتهم الإجرامية. لذا يجب أن يدرك الوطنيون من كتّابنا وإعلاميينا ومثقفينا خطورة استراتيجيتهم فلا يعطونهم الفرصة للتضليل، من خلال الخوض في الأمور ذات البعد الديني دون علم صحيح وتحقيق سليم ووعي ناضج يُعلي مصلحة الأمة ويحترم ثوابت الأمة السعودية المسطرة بمداد من نور في نظامنا الأساسي للحكم، ونعيشها واقعاً ملموساً في حياتنا اليومية. يجب على علمائنا تركيز الجهد لتنقية ما أصاب عقائدنا وثقافتنا وفكرنا من ملوثات هذه الجماعة؛ فالمعركة مع هذه الجماعة معركة وجود لن ننتصر فيه إلاّ بما انتصر به سلفنا الصالح على أسلافهم من الخوارج. لابد من وجود رؤية استراتيجية شاملة واضحة وموحدة وفق مبدأ الاحتواء الحازم، الأمر الذي يتطلب أن تكون لدينا مؤسسات دينية وإعلامية وثقافية وتربوية فاعلة، قادرة على أن تعمل بكل جدية مهنية وإتقان حرفي، استراتيجية توجد مخارج آمنة للمغرر به، تتسم بالحزم في تطبيقها، والضرب بيد من حديد للمصرّ من المخالفين والمتجاوزين المتعدين على حقوق الإمام في السمع والطاعة والجهاد وتنظيم الفتوى؛ التي لا ينبغي تركها لكل من هب ودب يفتح أبواباً خطيرة من الخلاف والاختلاف تدخل من خلالها جماعات الإرهاب. إن هذه الجماعة أعني الإخوان وما تفرع عنها كداعش والنصرة والقاعدة جماعات منظمة متطورة جداً في استخدام وصناعة وفهم الرسائل الإعلامية والثقافية والاتصالية، وقادرة كذلك على تقديمها وتسويق الأفكار الإرهابية بشكل احترافي. *عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام رئيس تحرير جريدة "المسلمون" الأسبق