عندما يستفحل الخطر ويصل الأمر إلى مواجهة حقيقية فلا بد من اللجوء إلى كل أساليب القتال والردع للتصدي للعدو حتى يتم دحره بلا رجعة. (داعش) تنظيم تجاوز في خطره الحدود وأصبح يشكل هاجسا أمنيا وليس فكريا فقط، وهو يهدد، ليس المنطقة العربية، بل امتد أثره إلى خارج حدود المنطقة، والتصدي لهذا الفكر بدا من زمن ولا تزال معركته تدور رحاها إلى اليوم. وقد تنوعت وتعددت الأساليب ولكن المعركة لم تحسم، وهي تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير في ظل لجوء (داعش) إلى سلاح القوة من قتل وتعذيب وضرْب الأهداف واجتياز الحدود مستخدما أسلحة كبيرة يمده بها أنصاره من الدول التي يهمها زعزعة أمن المنطقة. المملكة عندما حذرت من خطر(داعش) وغيره من التنظيمات، كانت تدرك أن دائرة المواجهة لن تقف عند حدود نشر الفكر وإنما سيمتد الأثر ليشمل الجميع، وقد حذر الملك عبدالله في لقائه مع السفراء من أن تهديد الأمن وخطر الإرهاب سيطال أوروبا وأمريكا، وكان يدرك تماما أن التصدي لظاهرة التطرف والإرهاب يستدعي الإفاقة من الغفلة واستخدام كافة الأسلحة، بما فيها السلاح العسكري. في إجماع دولي تم الاتفاق على ضرورة ضرب المعتدي وشل قوته العسكرية، وكان لابد لهذا التحرك أن ينطلق في ظل غطاء دولي يكسبه المشروعية ويُشْعر الطرف الآخر أن هناك جدية وإصرارا على تحقيق الهدف وهو (تجفيف كل منابع التطرف والإرهاب وضرب كياناته). من هنا جاءت مشاركة المملكة بطائرتها في توجيه ضربات عسكرية مسددة وموفقة استهدفت المنشآت والمعدات العسكرية بعيدا عن الأهداف المدنية، ومستهدفة أي خطر قد يهدد بلادنا في المستقبل. المملكة، وهي تقوم بهذا التحرك العسكري، بمشاركة قوات عربية ودولية، لا تنطلق في بواعثها من فراغ وإنما تؤمن بأنه في حالة الخطر فإن على الجميع المشاركة في التصدي له، وهي أيضا تؤمن أن لغة (القوة) لغة فاعلة ومؤثرة في حالات كثيرة تستدعي استخدامها، ومنها ما هو حاصل مع تنظيم (داعش). لابد من أن ينفض الجميع عنهم رداء التسويف واختلاق مبررات عدم الوقوف والتصدي. العدو، كلما ازداد عدد وقوة من يتصدى له ويواجهه ضعفت وخارت قواه، وأدرك أنه لا محالة من الاندحار والتلاشي. لا يهم كم ستُشن من غارات، ولا يهم كم سنفقد من شهداء الواجب، والأهم من ذلك كله هو الحفاظ على أمننا واستقرارنا بكل الوسائل. لقد حققنا نجاحات في محاربة الفكر الضال وعاد ولله الحمد الكثير من شبابنا ممن التحق بتنظيمات الضلال بعد ان اكتشفوا الحقيقة، واليوم لابد أن تتنوع وتتعدد أساليب المواجهة والتصدي، ولابد ان ندرك بكل وعي أننا أمام مواجهة لن تنتهي في يوم أو اثنين، ولكن ما يُعجل بالنصر - إن شاء الله - ودحر المعتدي هو العزيمة الصادقة وتضافر الجهود الدولية على كافة المستويات.