إن الحوار في العملية التعليمية بات مطلباً أساسياً وركيزة رئيسة في كثير من مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية، فبالحوار الجاد يتحقق الهدف والمنال وانعدامه له عواقب وخيمة بعيدة المدى قد لا يحسب لها حساب الا بعد فوات الاوان. إن الافواه المكبوتة والألسن المقيدة خلقت لنا جيلاً فاقداً لشخصيته، مزعزع الثقة ومضطرب الفكر. لعلي في هذا المجال أطرح مثالاً جلياً حيث ما نشاهده في القنوات التلفزيونية المحلية عندما يُطلب من المواطن االسعودي ان يعبر عن رأيه في موضوع ما يحتاج الى وقت حتى يتم صياغة عبارة تامة المعنى وبعد تردد طويل نخرج بإجابات غير معبرة وغير مقنعة للمشاهد. إن ما نلاحظه ليس فقط في حصص التعبير من تعبئة جاهزة لعقول طلابنا بعيدة كل البعد عن عبارات (عبر، تحدث بأسلوبك، تامل، اطلق العنان لأفكارك، ما وجهة نظرك) لماذا يتم تجاهل كل هذا النوع من الأسئلة ونعتمد على التلقين وحفظ الاجابة السريعة المبرمجة من قبل المعلم والكتاب المدرسي. أتذكر عندما كنت طالبة كانت معلمتنا تعرض لنا في حصة التعبير قضية في موضوع ما ثم تطلب منا ذكر الأفكار الرئيسة لهذا الموضوع، وكانت ترحب بجميع ما يطرح من وجهات نظر مقترحة وبعدها تطلب الأفكار الفرعية والتعبير عنها بجملة مجازية بسيطة وتتوالى كتابة الموضوع وفق تلك الجمل وتكون النتيجة النهائية الحصول على عدة مواضيع جميلة مختلفة الصياغة والاسلوب. إن شخصية الطالب السعودي في كثير من المدارس تقمع حريتها تخفى ملامحها وتطمس معالمها منذ نعومة اظفاره إن الحوار وأساسياته تكاد تكون شبه معدومة حصص نشاط مهدرة واعتماد على الانجاز الورقي البعيد كل البعد عن الواقعية المثلى. بلادنا تحتاج الى معلم محاور، مدرب متمكن، خطيب مفوه، اعلامي متحدث وطبيب يعرف كيف يخاطب مرضاه وغيرها كثير من المهن. لماذا تسهل عملية غسل مخ "بعض"الشباب السعودي ويسيطر عليه من قبل فئات ضالة تلوث فكره وتطمس هويته وتدخله في متاهات الارهاب والتطرف! كما ان الاعتماد على المجالس الطلابية الصورية في مدارسنا والاعتماد على فئة معينة من الطلاب الموهوبين هي ليست بذلك الحل ولسنا بحاجة الى عصا سحرية لتغيير واقع الطالب السعودي، ان الامر اسهل من ذلك بكثير لو فقط طبقنا لغة الحوار في الحصة الدراسية لنتيح للطالب فرصة للتعبير عن وجهة نظره مهما كانت، لأننا بذلك نخرج ما بداخلهم من امور لا يحمد عقباها في المستقبل وتكون فرص التحسين والتصليح مؤثرة ومجدية. لو قدم كل طالب ورقة عمل يومية بعيدة عن أي اقتباس من الشبكة العنكبوتية في اي موضوع يطرحه المعلم، او ان يكون هناك مجالس طلابية في كل فصل يتم تغيير رئيس المجلس بصورة دورية، ويكون الاعضاء هم طلاب الفصل من دون استثناء يتم من خلال جلسات هذا المجلس التطرق الى مواضيع ومشكلات تهم الطالب وتقديم مقترحات تشمل البيئة التعليمية، ككل مع الترحيب بكل مايتم تداوله في هذا المجلس تحت اشراف رائد الفصل مع مرور الوقت سنلاحظ الفرق ونصنع بإذن الله جيلا محاورا واثقا من نفسه مقدراً لقدراته معتزاً بشخصيته فما احوجنا لهذه العقول . "دعوا طيورنا تغرد في سربها قبل أن يفوت الاوان وتغرد خارجه".