قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم بتجديد الثقة في مدرب منتخبنا الوطني لوبيز كارو إن كان له من مدلول مباشر فهو إن هذا الاتحاد لا يتعلم من الدروس، وإلا ما الذي يدفعه لهذا القرار وكل المعطيات تؤشر على أن المنتخب مع هذا الاسباني لم يتقدم خطوة فنية واحدة، ولا يبدو أنه سيتقدم بعد كل هذه المدة التي قضاها معه. كان قرار التجديد للوبيز واضحاً حتى قبل أن يستوي أعضاء اتحاد الكرة على مقاعدهم؛ ففي الليلة التي سبقت الاجتماع خرج رئيس الاتحاد احمد عيد ليقول بأن الاجتماع سيشهد طرح مسألة لوبيز للنقاش مع الأعضاء، وفي ثنايا كلامه تحدث عن أنه تدارس الأمر قبل ذلك مع اللجنة الفنية في الاتحاد وأن التوجه يذهب باتجاه الاستقرار، وكانت تلك العبارة كافية للجزم بأن الاجتماع مع الأعضاء لم يكن سوى رغبة من احمد عيد كما عادته في تخريج قراراته بصيغة ديمقراطية وهي في أغلبها غير ذلك. الواضح تماماً أن "اتحاد عيد" لا يريد أن يتعلم من الدروس، وكأنه لم يسمع يوماً بأن العاقل خصيم نفسه، فهو بهذا القرار يستنسخ أخطاء الاتحادات الماضية، ولن أذهب بعيداً، فهو في تجديده للثقة بلوبيز يكرر الخطأ الذي ارتكبه "اتحاد الأمير سلطان بن فهد" يوم أن جدد الثقة بالمدرب البرتغالي بيسيرو، وبالخطأ الذي ارتكبه "اتحاد الأمير نواف بن فيصل" يوم أن جدد الثقة بالهولندي ريكارد رغم فشلهما الذريع وظهور المعطيات الكاملة بأن المنتخب يسير نحو الأسوأ معهما. بيسيرو تسلم المنتخب أثناء تصفيات مونديال جنوب أفريقيا وقدم معه المنتخب مستويات ضعيفة ونتائج غير مشجعة أفضت لسقوطنا في الملحق الآسيوي على يد البحرين، ليفاجأ الوسط الرياضي بتجديد الثقة به ليقود المنتخب في "خليجي 20" الذي خسره لمصلحة الكويت، ثم مضى نحو بطولة كأس آسيا في الدوحة فظهر فيها المنتخب بأسوأ ما تكون عليه المستويات والنتائج حيث ودّع البطولة من دورها الأول ليأتي قرار الإقالة بعد أن طارت الطيور بأرزاقها ليكون ذلك الفشل سبباً في رحيل الأمير سلطان عن منصبه. السيناريو تكرر مع الهولندي ريكارد حيث خلف بيسيرو في منصبه، وهو الذي كان تعيينه من أولويات قرارات الأمير نواف الرئيس الخلف في اتحاد الكرة، حيث كانت بدايته في تصفيات مونديال 2014 فكان أسوأ من سابقه إذ فشل المنتخب بقيادته في العبور للتصفيات النهائية، فكان ذلك سبباً في استقالة الأمير نواف ومعه اتحاد الكرة، ورغم سخط الشارع الرياضي استمر ريكارد بقرار من الاتحاد الانتقالي برئاسة احمد عيد في "خليجي 21" في البحرين فلم يصح إلا الصحيح حيث خرج "الأخضر" معه يجرجر أذيال الخيبة. اليوم ها هو سيناريو الأحداث يتكرر من جديد، فالمنتخب الذي عبر تصفيات آسيا مع لوبيز لم يكن لافتاً في مستوياته لضعف المجموعة حتى مع وجود المنتخب العراقي الذي ظهر سيئاً في مستوياته، ومع ذلك سعى عيد واتحاده يومها أن يصوروا لنا التأهل كفتح مبين حيث ذرفت الدموع وأطلقت الآهات، وها هو "المستشار" لوبيز يعجز منذ آخر فوز له في التصفيات عن تحقيق أي فوز له في كل المباريات الودية، وكيف يفوز والانسجام مفقود والمستوى الفني هزيل. تجديد الثقة للوبيز أصبح أمراً واقعاً رغم حالة الإجماع الإعلامي والجماهيري على رحيله مثلما حدث قبل ذلك مع بيسيرو وريكارد، خصوصاً وأن "ليالي العيد بانت من عصاريها" معهم جميعاً، ولذلك ليس لنا إلا انتظار مشاهدة واقع الأخضر معه في "خليجي 22" وفي كأس آسيا في استراليا، وكأني ب"عيد" ورفاقه يعضون أصابع الندم.