الدّاخل اللبناني في حالة من الغليان والغضب الشديدين وذلك على وقع قتل الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى "داعش" و"جبهة النصرة" الواحد تلو الآخر، وبعد إعدام "النصرة" للجندي محمد حميه من (طاريا البقاع) وهو الإعدام الثالث بعد ذبح "داعش" للجنديين علي السيد وعباس مدلج، انزلق الوضع الأمني نحو المجهول وخصوصا بعد تحميل العشائر البقاعية وفي طليعتهم آل حمية مسؤولية دم الجنود لآل الحجيري من عرسال وتحديدا لمصطفى الحجيري (المعروف بأبو طاقية) ولابنه رئيس البلدية علي الحجيري ما يثير المخاوف من فتنة مذهبية يسعى الأفرقاء السياسيين في المنطقة الى وأدها في مهدها. وإذا كانت الوساطات تتوالى منذ يومين لوقف الخطف المتبادل، فإن الجيش اللبناني استمرّ في قصفه للإرهابيين بشكل مكثّف، وهو نجح في فصل جرود عرسال حيث علم أن الجنود محتجزين في كهوف "وادي الرهوة" ووادي "ميرا" عن مدينة عرسال المطوّقة والتي نزح عدد كبير من أهلها بفعل القصف المتبادل. في هذا الوقت لم يتحرّك ملف التفاوض حول الجنود ولم يأت الموفد القطري (من أصل سوري) جورج حسواني الى بيروت، وسرّبت معلومات بأنّ الخاطفين مصرّين على إطلاق سجناء إسلاميين (حوالي 400) من سجن رومية، وهو ما ترفضه الحكومة اللبنانية قطعا وقد عبّر عن ذلك بوضوح رئيس الحكومة تمّام سلام. علما بأنّ هؤلاء لا يمكن إخراجهم بلا محاكمات وأحكام قضائية وبعضهم متورّط بتفجيرات أودت بحياة الكثير من المواطنين الذين لن يستكينوا في حال إطلاق سراحهم. وأمس نفذ عدد من هؤلاء اعتصاما أمام سجن روميه تضامنا مع الجيش اللبناني. وقال رئيس الحكومة تمام سلام قبل توجهه الى نيويورك اليوم الإثنين للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتّحدة كلاما مؤثرا بعد أن ناشده أهالي الجنود بصرخات أليمة لإنقاذ أبنائهم. وكان موقف سلام حاسما بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة حيث دعا الى "تعاضد الجميع سياسيا وحكوميا وعسكريا واعلاميا، والوقوف صفا واحدا"، مشيرا الى ان "الحكومة تصدت لمؤامرة الارهاب منذ اليوم الاول، ولن تضعف". أضاف سلام: "نحن نملك عناصر قوة هي الوحدة ووقف التشكيك بعضنا ببعض"، مؤكدا الوقوف خلف الجيش، ومضيفا "سعينا الى التفاوض مع الارهابيين عبر وسطاء، فلم يجيبوا بإيجابية ورأينا ما أقدموا عليه "، مشيرا الى "أننا لن نفاوض والقتل قائم، بل المفاوضات تبدأ بوقف القتل"، مؤكدا ان "خيارنا المواجهة بقرار موحد خلف الجيش والقوى الامنية ولن نتنازل للارهابيين عن أي شيء". وصعّدت "جبهة النصرة" من لهجتها بعد بثها شريط فيديو يظهر إعدام الجندي حميه رميا بالرصاص، ووقف الى جانبه الجندي علي بزّال الذي أعلن انه سيكون الضحية المقبلة إذا لم يتمّ تنفيذ طلبات "جبهة النصرة". وليل (السبت الأحد) استهدف تفجير انتحاري حاجزا ل"حزب الله" في منطقة البقاع (بين الخريبة وحام) لم يسفر عن وقوع ضحايا باستثناء بضعة جرحى. عسكريا، صدر عن قيادة الجيش بيان أكد ان "الجيش سيستمر في إجراءاته الميدانية المشدّدة لحماية المواطنين وهو متمسك بحقه في استخدام كافة الوسائل المتوافرة لديه، ولن يتهاون مع الجماعات الارهابية أينما وجدت، ومهما بلغت التضحيات"، وأعلن الجيش في بيانه ان "القوى المنتشرة في عرسال نفذت خلال الليل، رمايات بالأسلحة الثقيلة ضدّ مراكز الجماعات الإرهابية في جرود المنطقة، حققت خلالها إصابات مباشرة، أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين".