استشعرت بعض الشركات أن للمجتمع حقوقا عليها، فبدأت تضع في مقدمة أولوياتها الشباب السعودي وسبل تأهيله وتدريبه وفق آليات تجعل قدراته وإمكاناته تتوافقان وتتناسبان مع احتياجات سوق العمل، كما ساهمت بعض الشركات الكبرى في تمويل برامج ودراسات بحثية تنعكس إيجابا على المجتمع بالإضافة إلى بعض الإنفاقات المالية على المشاريع الخيرية. لن أتوقف كثيرا أمام تفاصيل المسؤوليات الاجتماعية للشركات ولكن سأركز على أهمية ودور مراكز ومعاهد التدريب والتأهيل داخل الشركات لتوفير كوادر سعودية تتناسب مع احتياجات الشركة التي تقيم المعهد والشركات المماثلة لها، هذا النموذج التدريبي يسهم في توفير كافة احتياجات الشركة من الكوادر المتميزة بالإضافة إلى توفير عناصر وكوادر للشركات المنافسة لها التي تعمل في نفس المجال، وندلل على ذلك بأحدث برنامج تدريبي متكامل أطلقته شركة المراعي مؤخراً وهو "سواعد الغد" يضم تحته معهدا فنيا لتأهيل الكوادر الشبابية على العمل في قطاعي الألبان والأغذية، وكذلك أكاديمية متخصصة في توفير الشباب المؤهلين على مهارات وفنون المبيعات ولم تقف المراعي عند هذا المستوى التأهيلي بل وصل الأمر إلى مرحلة تأهيل كوادر بشرية من أصحاب الخبرات والمهارات ليكونوا في مواقع المسؤولية. هذا نموذج وطني يجب أن تسير على خطاه شركات وطنية كثيرة. إن عملية التأهيل والتدريب للشباب السعودي تتطلب تضافر كافة الجهود ما بين الحكومة والقطاع الخاص من خلال قيام الحكومة بتوفير كافة التسهيلات للشركات الراغبة في إطلاق برامج تدريبية وتأهيلية، مع قيام القطاع الخاص ممثلا في الشركات من ضخ الاستثمارات اللازمة لتوفير برامج تدريبية وفق أعلى المعايير العالمية ليتوفر للمجتمع كوادر بشرية قادرة على المنافسة العالمية في المجال والتخصص الذي حصل عليه. إن هذا الأمر يتطلب إرادة من بعض الشركات على غرار ما فعلته المراعي ليكون تأهيل الشباب السعودي في مقدمة أولوياتها في إطار حسها الوطني.