الشاعر المعروف عبدالرحمن بن سعد بن صفيان رحمه الله شاعر له حضوره المتميز في الساحة الشعبية السعودية واشتهر رحمه الله بحربيته المشهورة التي شرقت وغربت في المملكة والخليج حتى لا تجد شخصاً إلا ويردد المطلع الأول لهذه العرضة ومطلعها ومناسبتها هي انتصار دمر المعتدين عام 1383ه في حرب الوديعة وكان الشاعر مشاركاً فيها: نحمد الله جت على ما تمنا من ولي العرش جزل الوهايب فاصبح الصغير والكبير يردد هذا البيت الخالد والمنقوش في ذاكرة كل سعودي وخليجي وقد أحسن الشاعر والابن البار محمد بن عبدالرحمن بن صفيان أن أخرج ديوان أبيه فكان عملاً جميلاً يشكر ويذكر بالخير على صنيعه الوفائي الذي إن دل فإنما يدل على الوفاء والأريحية. وقد انتشر الديوان بين الناس وكتبت عنه الصحف وعرف الشعراء والباحثون من هو الشاعر عبدالرحمن بن صفيان لأن أغلب الناس لا يعرفون له إلا هذه الحربية المشهورة ولم يعلموا أن له قصائد أخرى سواء كانت حربيات أو اجتماعيات أو غزليات، فكان أن قدّم الشاعر الابن محمد الصفيان هذا الديوان التحفة الثمينة التي ضمت تراث هذا الشاعر الفحل عبدالرحمن بن صفيان الذي صال وجال في ميادين الشعر المختلفة، فكان من أبرزها حربياته التي تألق فيها وبرز واشتهر رحمه الله. محمد بن صفيان وعندما كنت أقرأ في كتاب الكنوز الشعبية للرواية والمؤرخ والشاعر محمد بن مشعي الدوسري رحمه الله وقعت على ترجمة لطيفة لشاعرنا عبدالرحمن بن صفيان وهي أول ترجمة لهذا الشاعر وأول نشر لبعض قصائد ابن صفيان يضمها ديوان الكنوز الشعبية الذي طبع سنة 1381ه وكان عمر الشاعر عبد الرحمن بن صفيان 35 سنة وكانت حياته كلها محباً لوطنه وقيادته بكل إخلاص وصدق وتفان. وكان رحمه الله صادق اللهجة فيما يقوله ويعتقده ولا يمكن أن يجامل أحداً على حساب ما يضمره بل هو في قمة الصراحة والشفافية ولذلك عرف أصدقاؤه هذا منه فلا يعتبون عليه لأنه يتكلم بما يمليه عليه قلبه، حتى ولو غضب أحد منه فلا يهمه هذا أبداً واتصف رحمه الله بمكارم الأخلاق وخصوصاً المروءة، فلا يمكن أن يتخلى عن صديقه إذا استفزع به في أمر من أمور الحياة فهو لا يبخل بجاهه عند المسؤولين رحمه الله، هذا ما حدثنا به أكثر من شخص ممن كان يعرفه. وأما هذه الترجمة الرائدة التي ترجم الراوية والمؤرخ محمد بن مشعي الدوسري رحمه الله لصديقه عبدالرحمن بن صفيان فيقول فيها الدوسري.. وهذه القصائد المتوالية للشاعر عبدالرحمن بن سعد بن صفيان من أهل الدرعية وله من العمر خمس وثلاثون سنة وله أشعار شعبية وحماسية، وهو ولد شاب وفيه مكارم أخلاق وسخاء في محله "أي منزله بالدرعية" لا يكاد يوصف ويتفنن بالأشعار الحربية التي هدفها الحماسة، وهو جميل المنادمة مع الأصحاب والجلساء، وخدماته مدة حياته مع الأمير فهد بن عبد العزيز، يقصد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- وإخوانه أصحاب السمو الملكي الأمراء، الذي كان في هذا التاريخ وزيراً للمعارف، ثم روى محمد بن مشعي الدوسري رحمه الله قصائد من أشعار عبد الرحمن بن صفيان، ونختار منها ومنها قصيدته المشهورة على طرق الهلالي: وحنا هل العوجا يعرفون جمعنا إلى جا نهار يودع الشمس غايته حنا قنابلكم وحنا عضودكم ذخر اللازم لكم إذ جاءت واجبه ما تسهر عيونك وحنا على البقا وما يهتني بالنوم ضد الخاربه إذا صاح صياح العزاوي وسبلوا نرخص عمار لين جاء حل واجبه ومن تاجر بنفسه ولو كانه مترف فلابد مال الحى تركز نصايبه وقد روى كذلك محمد بن مشعي الدوسري رحمه الله قصيدة لعبدالرحمن الصفيان رحمه الله تعالى قصيدة رثائية في الملك عبدالعزيز رحمه الله عندما توفي بتاريخ 3/3/1373ه . وهذا التاريخ عجيب فاليوم الذي توفي فيه الملك عبدالعزيز في الثالث في الشهر الثالث وفي عام 1373ه وفي ألف وثلاثمائة بعد الهجرة يقول ابن صفيان في هذا الحدث الجلل. وحنا هل العوجا يعرفون جمعنا إلى جا نهار يودع الشمس غايته دعا الله عبده والقضايا بستسافي ألفت بنذر للمنايا على الوافي جانا الدهر في صدمات عظم المصيبة أثر مناكبها تجاوز جبلا غافي جضت به العالم على الحزن والأسى صلوا على الراحل بدمع لها ذرافي ودما عيون الشعب من حر فجئته وقلب جريح خافي كيف يرأفي إلى أن قال ابن صفيان رحمه الله: لا تأمن الدنيا ولو لك تزخرفت تراها عدو ضاحك لك وهو جافي ثم وصف الملك عبدالعزيز بهذه الأوصاف الإنسانية: أبو اليتامى والأرامل ومن لجأ حنون رحوم بالمساكين لطافي يشهد له التاريخ والمجد والثنا وصحايف يبقى لها الفضل كشافي عساه بين الحور في جنة العلا وما بين غلمان بالأكواب تطافي والله جعل للدين من عقب ما كره خليفة في الأرض يافي ويستافي واستبشروا الإسلام بسعود للبقى وركانه اللي بايعوه بتلطافي ومن ظن ظن السوء بخلاف ما رآى كيده بنحره شاف بالعكس ما عافى الأرض لله يورث الأرض من يشأ يعلم بما تخفي السرائر وكشافي هم نصرة للدين من بعد غربته لفا لافى به لفوا الافي وبما أن الشاعر ابن صفيان عاشق لشعر العرضة والحربيات فله رحمه الله ولع قوي بشعر الحرب والحماس بالأخص إذا كانت ثمة مناسبات وطنية وقد عاصر الشاعر ابن صفيان أحداثاً كبيرة منها الاعتداء الثلاثي على مصر وحرب 1967م وحرب الوديعة وحرب أكتوبر وهذه الحريية قالها في عهد الملك سعود رحمه الله، عندما قام الرئيس عبد الكريم قاسم بالتحرك نحو الكويت فهبت المملكة لمساعدة الشقيقة الكويت بعدما أصدر الملك سعود أمراً بالدفاع عن الكويت عام 1381ه فقال الشاعر عبدالرحمن بن صفيان هذه القصيدة: سلام يا شيخ على الهمات طلعه بعيد امن جوانبها وكل ظافة جلالها يا أبو فهد نبغي المصانع والسلاح الجديد وحنا مرويت السيوف البيضة وسلالها لا صاح صياح العزواي عندنا يوم عيد وإذا قالوا العوجا تبيح الروح بخلالها وش عاد نبغى بالحياة إذا ظهرنا الضديد وحنا حماة الدين وحمى البيض واطفالها وهنا نرى أن الراوية والمؤرخ محمد الدوسري رحمه الله لم يورد أشهر قصيدة حربية لابن صفيان لأن ابن صفيان لم ينظمها إلا سنة 1389ه بعدما طبع الكتاب بثماني سنوات وأقصد بذلك القصيدة: نحمد الله جت على ما تمنا من ولي العرش جزل الوهايب وختاماً.. نتمنى من الشاعر محمد بن عبدالرحمن بن صفيان أن يضم هذه الترجمة إلى ديوان أبيه في الطبعات القادمة. والحقيقة أن كتاب الكنوز الشعبية بجزئيه فيه تراجم وأشعار لشعراء لا نعرف عنهم شيئاً إلا عند قراءة هذا الكتاب الجامع بين التاريخ والأدب والقصص والحكايات، إضافة إلى أحداث وطنية من تاريخ التأسيس لهذا الوطن، فهو كشكول شعبي منوع وحديقة جميلة يختار منها القارئ ما يحلو له ويطيب. وان كنت اتمنى من أبنائه بأن يطبعوه ويعتنوا بنشره، وفقنا الله وإياهم للصواب.