مرة أخرى تَصنع مسابقة "اقرأ" الحلم وتحول القراء من هواةٍ منعزلين إلى نجوم المستقبل؛ مؤكدةً بحق أننا ننتمي لمجتمع نابضٍ وواهبٍ للأمل. وهو نفسه الأملُ الذي دفع رئيس شركة أرامكو السعودية المهندس خالد الفالح ليعلن في حفل الختام، قائلاً " ثمانون عاماً ونحن نضخ ونصدر البترول للعالم، الآن وقد وجدنا مصدراً جديداً للطاقة فقد آن الأوان أن نستثمر هذه الطاقة وهي الشباب السعودي". مسابقة اقرأ الوطنية والتي تعد واحدة من ألمع مبادرات "ارامكو السعودية" لإثراء الشباب، ثقافياً وإنسانياً، تحت إشراف وتنظيم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي؛ اختتمت مساء الأحد الماضي دورتها الثانية، بتتويج كوكبة من الطالبات والطلاب الذين تم انتقاؤهم من بين آلاف المتقدمين للمسابقة التي وصل إلى منافساتها النهائية ثمانية عشر متسابقا يقوم كل واحد منهم بعرض كتاب اختاره ليقدمه أمام جمهور مسرح إثراء المعرفة بالظهران، طوال ثلاث ليال من المنافسة والترقب والاحتفاء الكرنفالي بالقراءة، وكأن القراءة تحولت مع مسابقة "اقرأ" إلى عيد سنوي، شيء أقرب للطقس الاجتماعي ونحن نرى حشد الجمهور الكبير في مسرح أوجد ليس لشيء آخر سوى التباهي بمكانة القراءة والاحتفاء بالكتاب. في الليلة الأخيرة، أعلنت النتائج بفوز مرتضى البحراني بجائزة قارئ العام عن فئة المرحلة الجامعية بعد أن قدم عرضاً سلساً لكتاب المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المسيري (رحلتي الفكرية) وفازت أمجاد مكي عن المرحلة الثانوية، وأريج القرني عن المرحلة المتوسطة، بينما فاز الفنان الفوتوغرافي عبدالعزيز البقشي بجائزة قارئ الجمال عن أفضل صورة كانت محل دهشة الجمهور، أما الجائزة الأخيرة في المسابقة، فذهبت للمخرج حسين آل محفوظ عن فيلم (بنان). ليلة التتويج شهدت كذلك عرض فيلم (قلم المرايا)، للمخرج بدر الحمود، بمشاركة طاقم سينمائي سعودي في أغلبه، وخاصة في صناعة الغرافيك الملفت. الفيلم الذي كتب نصه خالد اليحيا، والمستلهم من (كتاب الرمل) الذي قُدم في حفل ختام الدورة الأولى من مسابقة اقرأ ونال أيضا اعجاب الجمهور لمشاهدة فيلم سينمائي سعودي متقن، كان لدعم مبادرة "اقرأ" سر النجاح فيه والتفوق. لجنة التحكيم كانت أيضاً، واحدة من أشكال تطور الدورة الحالية، حيث كان التقيد بالوقت وكثافة الأسئلة وعدم خروجها عن الموضوع المحدد، من سمات أسئلة لجنة التحكيم التي ترأسها وأدارها الكاتب عبدالله المغلوث واشترك فيها كل من الروائية الكويتية بثينة العيسى والمترجم والكاتب د. مبارك الخالدي والباحث في الدراسات الثقافية د.سمير الضامر والأكاديمية د.ازدهار الحريري. في الأمسيات التي قدمها للعام الثاني نجما برامج الشباب على اليوتيوب، محمد بازيد وياسر بكر، واللذان أسهما في كسر الصورة الروتينية والنمطية المملة عن أمسيات القراءة والكتاب من خلال تقديم اتسم بالمرح وخفة الحضور والانسجام ودرجة الهارمونية العالية بين ياسر بكر وبازيد في تقديم المتسابقين والتخفيف من قلقهم على المسرح. المشرف العام على مسابقة "اقرأ" الكاتب طارق الخواجي، عانق جمهور المسابقة بكلمة تضمنت شحنةً عالية من الشعرية وهو يصف دواخله تجاه فعل القراءة: " أن تقرأ يعني أن تعرف الاسم الذي هو لك.. أن تدع القلق وتصحب النمر، أن تعيش ملحمة للنسيان، تبحثُ عنها دائماً، وأن تعرف أن كل الطرق لاتؤدي إليها، وأن الاتزان يستحق المديح، وأن هناك فراشة للحياة، تتأملها في شبابك قبل هرمك، أن تعثر على صديق المئة عام، تعثر على ملامح عالمك الذي تقرأ". مضيفاً في مكانٍ آخر: " سأحاول أن أجعل ذلك، صفحات في كتاب لايقبل إعادة التدوير، كتاب يقاوم النار والماء، وعصيٌ على مقبرة الزمن، صفحات لا تتكرر في كتاب الرمل الذي كتب بقلم المرايا الخالد، لست أخشى صعوبة ذلك. لأنني من خلال مسابقة اقرأ عرفت أنك هناك في كل مكان، فيما بعد الصفحة الأخيرة، وجل ما علي أن أفعل هو أن "أقرأ". مفاجأة الحفل الختامي كشف عنها مدير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الأستاذ فؤاد الذرمان، وهي حكاية مدرسة سعودية في مدرسة بمدينة تبوك، تبنت "اقرأ" وروجت لها بين الطالبات لتعيد تنظيم المسابقة ولكن داخل المدرسة التي أعلن الذرمان أن أرامكو السعودية، قررت إهداءها مكتبة نموذجية متكاملة بعد صعود المدرسة ريم الجوفي (صاحبة الفكرة) إلى خشبة المسرح وتكريمها مع عدد من زميلاتها في مدرسة تبوك، المدينة التي سجلت أكبر نسبة مشاركات في مسابقة اقرأ لهذا العام على مستوى المملكة، في السابقة الثقافية الوطنية التي تقدم لها "7000" مشترك، رشح من بينهم"180" مشتركا للمقابلات الشخصية التي أجراها فريق اقرأ بين مدن المملكة، ليتم اختيار "40" قارئاً في ملتقى اقرأ الإثرائي الذي أقيم في المنطقة الشرقية شهر أغسطس الماضي، ليتم انتقاء "18" متنافسا في الفعاليات الختامية. المهندس خالد الفالح أثناء إلقائه كلمته في الحفل الختامي جانب من الحضور الذي حظي به الحفل الختامي