مليون وخمسون ألف نسخة، وتسجيل رقم أسطوانة ذهبية في يومين فقط، مع الأخذ بالاعتبار أنها الأغنية المنفردة الثانية لفرقة روك حديثة للتو تشكلت. هكذا يمكن البدء في الحديث عن أغنية "أنا مؤمن" لفرقة الروك الشهيرة ذا مونكيز أو كما يمكن أن نسميهم نسخة البيتلز الأمريكية مع الفارق الكبير في النجاح والمقدرة الفنية. كتبت هذه الأغنية في الأصل للفنان نيل دايموند الذي قام بتلحينها، لكن المنتج جيف باري رأى أن لها فرصة أخرى مع فرقة ذا مونكيز. عازف البيانو في الفرقة مايكل نيتسميث رفض ذلك وقال انه ككاتب أغان يعرف الأغاني الناجحة، لذا فهو لا يرى ما يمكن أن تخرج به الفرقة من تقديم أغنية صدرت سابقاً ولم تنجح، كما أنه يرى أنها لا تحمل أي مقومات للنجاح. جيف باري منع نيتسميث من حضور التسجيل وقام بعزف البيانو بنفسه، ولم يستغرق الأمر سوى يومين لتتربع الأغنية على عرش أفضل الأغاني في قائمة البيلبورد وتظل في المرتبة الأولى 7 أسابيع متتالية وفي المملكة المتحدة لمدة أربعة أسابيع، وتبيع ما يتجاوز المليون دولار في أقل من 48 ساعة، ولتصبح لاحقاً ضمن قائمة الأربعين أغنية الأكثر مبيعاً كنسخة منفردة، بما يفوق العشرة ملايين نسخة. ما يثير الاهتمام بهذه الأغنية هو سهولتها الممتنعة سواء على صعيد البنية اللحنية أو حتى كلمات القصيدة الغنائية. فكلمات القصيدة الغنائية تتحدث في كلمات بسيطة وسطحية عن شاب لا يؤمن بالحب ويعتقد أنه وجد لغيره، فهو لا يرى فيه سوى أسطورة للحكايا الخرافية وأنه لا يسبب إلا الحزن، وأنه عكس ما يطلب له، إن كان للسعادة فهو للحزن وذلك من خلال الاستعارة بقوس قزح والمطر. لكن الحب كان له بالمرصاد، يطارده في أحلامه، محبطاً ولكنه لا يتوقف، ثم فجأة رأى وجهها (إشارة إلى نكرة)، لقد أصبح مؤمناً بفكرة الحب، لم تعد هناك ذرة شك في عقله بأنه يؤمن، ولا يستطيع التخلي عن الفتاة التي يجب حتى لو أراد ذلك. اللحن يفتتح بطرقات رباعية متواصلة على البيانو، يليها الجيتار الرئيسي في نوتة رفيعة تعمل كقاطع بين المقاطع، الإيقاع الرئيسي يقوم على الطبل والجيتار المساند والبيانو الذي يقبض على اللحن كاملاً، لكن الأغنية تسير على نبض تيمبو متوازن حتى النهاية يعمل فيه البيانو كخيط الضبط الرفيع، بينما يرفع الإيقاع ويخفضه صوت ميكي دولنز قارع الطبول الذي يؤدي دور المغني الرئيسي في هذه الأغنية وأعمال أخرى للفرقة في فعل يعتبر نادراً في فرق الروك. ميكي دولنز يحاول في هذه الأغنية وأغان عدة للفرقة أن يقدم نبرة صوت تقترب من أسلوب فرق الغزو الإنجليزي كما كانت تسمى الفرق الإنجليزية التي غزت الولاياتالمتحدة إبان تلك الفترة وبشكل مقلق في السبعينيات اللاحقة. يمكن القول جزافاً ان هذه الأغنية تم إعادة تسجيلها وتوزيعها في كل عقد من ذلك الوقت، فبخلاف نسخ نيل دايموند، الذي كان يقدمها مراراً في حفلاته الغنائية وبعض ألبوماته المتأخرة، لكن أبرز الذين استثمروا الأغنية هم روبرت وايت في السبعينيات، وباربرا ماندرل في الثمانينيات، ولولو سانتوس في التسعينيات بنسخة برتغالية، وفرقة سماش ماوث لفيلم شريك عام 2001م. كما استخدم الإخوة كوين الأغنية الأصلية لنيل دايموند في فيلم "عينة دم" عام 1984م، وتم إدراج الأغنية ضمن العديد من قوائم الأفضل في المجلات الفنية والمواقع الموسيقية المختلفة في الأمريكيتين وأوروبا. إنها نموذج لإيمان شخص من خارج الفرقة والذي صنع لهذه الأغنية الخلود لمن لا يؤمن به.