ربما كانت هذه الأغنية هي أولى أعمال فرقة "ايروسميث" سواء عند صدورها منفردة، أو ضمن أول ألبومات الفرقة والذي حمل نفس اسمها، كأمر معتاد في تدشين الألبوم الأول عند كثير من الفرق والفنانين حول العالم، لكنها استحقت عن جدارة أن تكون التوقيع الأبرز للفرقة والأغنية الأكثر إلحاحاً في الحفلات الحية والتي تقدمها الفرق في جولاتها العالمية، حيث لا ينتهي حفل دون أن يُختتم بهذه الأغنية البكر في كتابتها وتلحينها. ايروسميث تصنف ضمن فرق الروك الأمريكية التي عاصرت وعايشت أجواء الأزياء الملونة والمبهرجة وأسلوب الثيمات في اللباس والهيئة، لذا بدت هذه الأغنية وكأنها تنتمي إلى وسط آخر مختلف، حتى على مستوى البنية اللحنية يمكن ملاحظة الأثر الواضح لقوة الجاز وأغاني البالاد الشهيرة، وربما كان هذا هو أبرز أسباب شهرتها الطاغية، على الرغم من العديد الأغاني اللاحقة التي رفعت اسم الفرقة عالياً في الأوساط الجماهيرية والنقدية. كتب الأغنية ستيف تايلور مغني الفرقة الرئيسي، ويقال إنه لحّنها على البيانو دون أن تكتمل كمقطوعة كاملة عندما كان في سن السابعة عشرة، وعندما تم تقديمها كعينة – ديمو – لشركة كولومبيا، والتي كانت مشغولة آنذاك بالتسويق لألبوم بروس سبرينغستين الأول، تم تجاهلها وقتياً، ومع بروز الأغنية منفردة، أعادت الشركة النظر في الأغنية والألبوم ككل، ليصبح فيما بعد ناجحاً للغاية على الرغم من تعثرات البداية. كلمات الأغنية وفي تأويل شامل، تتحدث عن الأهمية التي يكتسبها الحلم والطموح، عند الاستمرار فيه رغم كل العوائق والتثبيط الذي يتعرض له الإنسان في حياته. تايلور منذ تلك الأيام وحتى وقتنا الحاضر يصرح بعداوته للإعلام، وفي هذه الأغنية لا يخبئ شعوره هذا من خلال اعتباره عقبة في تكوين فرقته الجديدة، إنه كلما نظر إلى المرآة وجد أن تقاطيع وجهه ازدادت حدة دلالة على كبر العمر، الماضي رحل، وكأنه مجرد ليلة انطوت صفحتها من التاريخ، ثم يبدأ تايلور في تقرير بعض الشك الذي يعصف به، فهو يجزم بأن لا أحد يعرف من أين جاء ولا إلى أين سيذهب، الكل يحمل الخطيئة، ولا بد لشيء من الخسارة لكي يربح، لكن الأمر كله يعود إليك – الفردانية الأمريكية – ، ثم ينطلق في الكورس داعياً الكل ليغني معه، من أجل العمر والضحك والبكاء، هذه المشاركة إن لم تكن لليوم، فهي للغد، فلربما يقبض الرب الطيب روحك.. في البنية اللحنية تعتمد الأغنية على أسلوب التبسيطية – المينماليزم – الأسلوب الأمريكي الشهير الذي طال كثيراً من الفن هناك، حيث نسمع الإيقاع يرتفع في ذات النوتة مبدلاً لأخرى بنفس الأسلوب التبادلي من نغمتين إحداهما مرتفعة والأخرى منخفضة، مستمراً في ذلك حتى منتصف الأغنية مع تغييرات لإضافة عناصر الروك الأساسية مثل العزف المنفرد على الرغم من ضآلة حضوره، ثم تنتهي الأغنية على صراخ ستيف مع إغلاق الجيتار والطبل بأسلوب مسرحي. الجدير بالذكر أن لحن الأغنية يتمايز في الحفلات الحية مع الحرية التي يأخذها جو بيري عازف الجيتار الرئيسي، بينما يكاد تايلور أن يفسدها بصوته الذي يحاول أن يجعله متوافقاً مع أسلوبه اللاحق في الغناء حيث يتلاعب به متغنجاً، الأمر الذي يجعلها مختلفة عن النبرة الحزينة التي اشتهرت بها الأغنية في نسخة الاستديو. في عمليات إعادة التسجيل والتوزيع للأغنية وعلى الرغم من كثرة النسخ التي تم إصدارها، فإن أياً منها لا يمكن مقارنتها بالنسخة التي قدمها مغني الراب الشهير إيمنيم في ألبومه "إيمنيم شو" عام 2002م باسم "غنِ من أجل اللحظة"، حيث يستخدم إمينيم كورس الأغنية ككورس لأغنيته، ثم يقدم جو بيري عزفاً منفرداً مميزاً في نهاية الأغنية، الأمر الذي منحها ألقاً مختلفاً جعلها تحقق شهرة واسعة، أعادت الأغنية إلى الواجهة مجدداً محققة المزيد من المبيعات، ومذكرة للجمهور بأنها الأغنية التي أدخلت الفرقة إلى "ردهة مشاهير الروك"، وقائمة مجلة رولينغ ستون الشهيرة لأفضل خمسمائة أغنية في التاريخ.