1 احترتُ بالفعل حين طُلب مني الاشتراك في الملف الذي يعده أصدقاء وزملاء الشاعر والإعلامي والكاتب سعد الحميدين. فأنا شخصيا لم ألتق به وطوال العقود الطويلة التي أكتب فيها للصفحة الثقافية. إذاً، هو ليس صديقا شخصيا، وأيضا لا يتعلق الأمر باللقاء فقط، سواء في المؤتمرات أو الندوات ثم يتوقف الأمر عند هذه الحدود حين نغادر عائدين. فمن طرفي أنا أعرفه أيضا، استطيع الالتقاء به فعليا عبر الصوت الذي كنت أراه عبر الهاتف، في الأريحية والحماسة، في الدعم وعدم التأفف. صيفا وشتاء وباقي الفصول وما أن يتم الاتصال به كان يلبي النداء، فكان كرمه خفيا وهو يوصي لنا وعلينا، وهنا بمقدوري القول، إنه صديق بالمعنى الحرفي للكلمة. 2 ضن علي حين سألته في أحد الأعوام عن أحد دواوينه الصادرة حديثا، فأجاب ب نعم، لكنه ماطل وإلى هذه الساعة. حسنا، علي استحضار الشاعر من الميزان النقدي لغيري وهو يمتلك الحيز الكبير من الدراسات التي كتبت عن تجربته. وحين قرأت أنه "معتم صعب"، هكذا وصفه الناقد علوي الهاشمي قلت، لكن هذا يعارض في كثير من الأحيان الشاعر ككينونة، لكن الشعر يسمح بالانتصار على الضجيج حين يذهب إلى خلوته ولعثمته، أو عتمته. فالناقد الكبير عبدالله الغذامي يكتب عن قصيدة الحميدين أنها نموذج "ثري وعميق وشامل". أما عبدالله ابو هيف فإنه يعتبر تجربة الحميدين تجسيدا حيا وباهراً للاشتغال الشعري الحداثي في منطقة الخليج العربي". 3 كانت الصفحة الثقافية ليوم الخميس، ثم السبت، والشاعر الحميدين مديرها المسؤول، ساحة تتلاطم بها الأفكار الخلاقة والطاقات الشبابية الجديدة السعودية والخليجية والعربية. للكاتبات السعوديات والعربيات والخليجيات بالذات، ولأنماط في الكتابة ذات التيلة المغايرة في الاحتدام والرؤية. أذكر المعارك النقدية والأدبية التي كان يثيرها ويديرها الناقد الاستفزازي الدكتور الغذامي، كانت من أجمل وأثرى الصفحات التي ساهمت في تفكيك بنيات عتيقة، وهياكل جد قديمة وساهمت في تشكيل قاعدة مغايرة من قراء وقارئات، كنت واحدة منهم، وحين التقيت بالدكتور الغذامي في القاهرة نقلت له اعجابي وافتتاني بطروحاته الفكرية والثقافية. أظن أن الشاعر الحميدين دافع وكرس في الصفحة الثقافية ثقافة الحداثة والاختلاف والتعدد. قدم الكتابات ذات العمق والجودة، بجانب فتح الأبواب للنصوص ذات الإشكالية في الالتياع الوطني، والثقافي والغرامي الخ. على الصعيد الشخصي، ازعم وشعرت وأشعر ب بكل ما يجاور نصوصي ومقالاتي، والتي لم يحذف منها وطوال عقود حرفا واحدا، وهذا، للأمانة يُحسب لصحيفة "الرياض" ككل، وللديناميكية التي يتحرك فيها كل الفرقاء.