تناقض عجيب بين الراتب لا يكفي والسفر للخارج، حيث أصبحت الضروريات المعيشة في ذيل الأولويات، بينما السفر على حساب الإرهاق المالي وتكبد الديون البنكية والفوائد العالية أولوية لإرضاء النفس تقليداً للآخرين، حيث يقترض نسبة كبيرة من المواطنين للسفر إلى الخارج، فيما يدخر البعض منهم مبلغاً شهرياً يقضي به إجازته، وقد يتمكن الأخير من قضاء إجازة سعيدة والعودة لدياره، فيما يعود الآخر مكبلاً بالديون ليطالب بزيادة راتبه الذي لا يكفي احتياجاته!؛ مما يظهر أنّ هناك تناقضاً ما بين مسألة عدم كفاية الراتب والسفر للخارج، خصوصاً وأنّ الإحصاءات كبيرة جداً للسعوديين المسافرين إلى بعض الدول الآسيوية والأوربية وحتى الخليجية، وعلى الرغم من ذلك يبرر البعض أنّ الترفيه على النفس حق، حتى لو كان بالدين والاقتراض من البنوك، فيما أكّد آخرون أنّ البعض يبالغ فيه لمجرد التقليد!. إرضاء الأسرة وذكر "عبدالرحمن الغامدي" أنّ المجتمع المحيط يجبرك على السفر، إرضاء للأسرة بالدرجة الأولى، فمهما كانت الظروف المالية "تدبر، والباقي على الله!"، موضحاً أنّه يبحث عن إرضاء أسرته متحملاً ومتكبداً الديون، وعندما يصل به الحال إلى الضائقة المالية يبدأ يطالب ويناقش بأنّ الراتب لا يكفي. وقال: "هناك تسهيلات تقدمها بعض البنوك سنوياً بعد مرور عام كامل على القرض، يمنحك البنك ما يسمى بالجسر، ويتحصل بعد انتهاء القرض السابق، فهكذا سنوياً نطلب القرض ونغادر للخارج"، لافتاً إلى أنّ المعيشة في ارتفاع بشكل مستمر، ولو حرم الشخص نفسه من الترفيه لن يجمع ريالاً واحداً. د.إحسان بو حليقة حب استطلاع ورأى "محمد عبدالله" أنّ الشباب في الوقت الراهن مهما كانت ظروفه يسافر للخارج، غير مبالين بالتكاليف والديون التي يتكبدونها، ولكن النزوة الشبابية وحب الاستطلاع يجبرانه على ذلك، إلى جانب الصحبة التي تؤثر عليه، موضحاً أنّ البنوك أبوابها مشرعة للاقتراض، ومؤسسات التقسيط من جهة أخرى، والبعض الآخر منهم رواتبهم جيدة يتقاضون شهرياً ما لا يقل عن (8000) ريال وليس لديهم التزامات مالية، ويسكنون مع والديهم، وغير ملتزمين بمصاريف معينة، ويستطيعون توفير جزء من الراتب شهرياً لأجل السفر للخارج. أبواب مفتوحة وبيّن "ظافر اليامي" أنّه يعرف بعض من دعموا حملة "الراتب لا يكفي الحاجة"، مسافرون للخارج يصيّفون في النمسا، ومن هناك يغردون ويطالبون بالزيادة!، وهم يصرفون مبالغ كبيرة على السفر، معتبراً أنّ ذلك تناقض غريب وعجيب في الوقت نفسه، لافتاً إلى أنّ من يسافر للخارج، خاصة للدول الأوربية قادر، ولا يعاني من ظروف الحياة المعيشية، حيث إنّه عندما يصرف قرابة (30.000) ريال أو اكثر بالتأكيد قادر على دفع (25.000) ريال إيجار شقة سنوياً، موضحاً أنّ كل ما يطلق على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لو كانت شائعة يصدقها الكثير، ويتفاعل العديد معها، مستدركاً: "لا ننكر أنّ الرواتب لا تتواكب مع الحياة المعيشية وارتفاع تكاليف السلع الاستهلاكية وغيرها، إلاّ أننا أفضل من غيرنا، ولكن ما يطلق في مواقع التواصل الاجتماعي نعي نحن كشباب هذا الوطن أنّ وراءه الكثير من الحاقدين والناقمين على البلد"، ولن نصدقه"، ناصحاً الشباب بعدم الاعتماد على الراتب الوظيفة الحكومية، فالأبواب مفتوحة في شتى المجالات. فروق فردية وقال "عائض الشهراني" –أخصائي اجتماعي- إنّ هناك مختلف المفارقات والقدرات والإمكانات بين الناس؛ ولذلك نشأ لدينا ما يسمى بالفروق الفردية، فالإنسان خلق في كبد، وهو التعب، ومن يحلم بالراحة الأبدية لن ينالها في هذه الحياة؛ لأنّها دار عبور وليست دار بقاء، كما أنّه جبل على الطمع وحب المال الشهوات ولا يلام في ذلك؛ لأنّها سنة الله في خلقه، موضحاً أنّ الراتب لن يكفي في حالة لم نحسن تدبير أمورنا ونتقن ثقافة الادخار ونتعلم التخطيط الإستراتيجي الشخصي لكي نسير أمورنا، موضحاً أنّ هناك تناقضاً كبيراً بين من يؤكّد بأنّ الراتب لا يكفي ويسافر للخارج، مشيراً إلى أنّ هذا التناقض خطير جداً على المجتمع، حيث الكثير منهم يطلق العنان للقروض البنكية والتسهيلات المالية، حتى وصل بالبعض الحال إلى الاقتراض من مؤسسات التقسيط التي لا ترتبط مع "سمة" أو غيرها من أجل أن يسافر. وأضاف أنّ الراتب مهما كان قدره من الطبيعي أن لا يكفي؛ بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وإيجارات السكن والشراء العشوائي والقروض البنكية وشراء السيارات الحديثة كل عامين أو ثلاثة، مؤكّداً أنّ من أطلقوا حملة الراتب لا يكفي الحاجة هم من فشلوا في تيسير أمورهم، وكل من ينتظر زيادة دخله لكي يشبع نزواته، مستشهداً بنوافذ المملكة البحرية والبرية والجوية، حيث التكدس ممن يعشقون السفر، ويصرفون المال ببذخ، ويعودون صفر اليدين، أو ممن لديهم هوس المظاهر الاجتماعية ومسايرة الآخرين في الملبس، والمأكل، والمسكن، أو شراء السيارات والأجهزة الذكية بدون حاجة، أو ممن إن أحسن الناس أحسن وإن أساؤوا أساء. وأشار إلى أنّ الراتب لا يكفي الحاجة إن كان ما ننفقه على حساب ما نحتاجه، والراتب لا يكفي الحاجة إن أطلقنا العنان للقروض وللبطاقات الائتمانية بغرض السفر والصرف بدون حساب، موضحاً أنّ هناك من استطاع أن يتكيف مع موجات الغلاء التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، كسائر بلدان العالم بتعفف، ولم يلق باللوم على حظه، أو قلة دخله، ولكنه بذل الجهد وعمل بالأسباب، مبيّناً أنّ الراتب سيكفي الحاجة عندما نتسوق بذكاء، ونجعل معظم طعامنا من المنزل، ونكبت جماح النفس، ونرتب أولويات الصرف، ونضع أهدافاً يسهل تحقيقها، ونقدر قيمة النعم التي أنعم الله بها علينا بالنظر في أنفسنا وحال من هم دوننا، ونطور ثقافة الادخار لدينا. تناقض عجيب! ونوّه "د.إحسان بو حليقة" –مختص اقتصادي– بأنّ غلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع والسكن وغيرها من الأسباب التي أدت إلى المطالبة برفع الرواتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مبيّناً أنّ نسبة كبيرة من المسافرين للخارج يقترضون عن طريق البنوك من أجل السفر، والقليل منهم من يدخر مبلغ شهرياً يقضي به إجازته في الخارج، موضحاً أنّ هناك تناقضا ما بين مسألة الراتب لا يكفي والسفر للخارج، خصوصاً وأنّ الإحصاءات كبيرة جداً للسعوديين المسافرين في بعض الدول الآسيوية والعالمية وحتى الخليجية، مستدركاً: "لكن لا ننسى أن نسبة غير قليلة من المواطنين السعوديين رواتبهم جيدة ولديهم دخل آخر". وأضاف أنّ قبل فترة وجيزة أطلق مجموعة حملة بأنّ الراتب لا يكفي الحاجة، موضحاً أنّه ليس بالضرورة هم من يسافرون خارج المملكة، وهذا احتمال، حيث لا توجد إحصائية دقيقة تؤكّد أنّ كثيرا من الشباب الذين استخدموا هذا الوسم يسافرون للخارج، أما الاحتمال الثاني فمن أطلق هذا الوسم وشارك فيه ومن ثم يسافر ويقضي وقت في الخارج ويصرف مبالغ كبيرة، سواء كان مدخرها، أو عن طريق قرض، فهو قاصر التفكير يتسلف كي يسافر. ظافر اليامي عائض الشهراني محمد عبدالله عبدالرحمن الغامدي السعوديون الأكثر سفراً للخارج بين شعوب دول الشرق الأوسط