أدى تساهل كثير من المواطنين مع فكرة (الاقتراض) من البنوك المحلية لوصول حجم الاقتراض لقرابة 200 مليار ريال - حسب إحصائيات العام الماضي فقط -، خلاف 500 مليار ريال استفاد منها القطاع الخاص ليصل حجم الاقتراض ل 700 مليار ريال، وهو ما قد يحول حياة كثير من المواطنين لمعاناة طويلة؛ نظراً للاقتطاع الشهري من حساب المواطن الذي يعتقد بان حصوله على (القرض) سيحل مشاكله المادية، إلاّ انه يتفاجأ فيما بعد بأن مشاكلة تفاقمت كما أن وضعة المادي تردى اكثر من السابق. كماليات القروض ويذكر موظف في تسويق القروض في أحد البنوك المحلية (فضل عدم ذكر اسمه) أن نسبة كبيرة من المقترضين يوضحون أن سبب اقتراضهم يعود لأمور ليست بالضرورية كالسفر والسياحة، أو شراء سيارة باهظة الثمن، مع وجود حالات أخرى تقترض بهدف البناء أو الترميم للمنازل، مشيراً إلى أن كثيرا من الموظفين الجدد بمجرد إكماله المدة المطلوبة التي يشترطها البنك للحصول على القرض والتي تراوح بين ثلاثة شهور إلى سنة يسارع بطلب (القرض) لأسباب أغلبها شراء سيارة أو الزواج. السفر إلى الخارج أحد أسباب الاقتراض لدى بعض المواطنين قرض زواج! لم يتخيل الشاب أحمد "30 سنة" أن زواجة سينتهي بالطلاق؛ بسبب القرض الذي ارهقه وجعله لا يستطيع الوفاء بمتطلبات زوجته وابنته الصغيرة، وذلك بعد أن أثقل نفسه بدين كبير. وقال أحمد: "إن طلبات الزواج المكلفة وشبه التعجيزية تسببت بكثرة الديون عليه من عدة جهات، إضافة للقرض البنكي الذي يكشف حسابه قبل نزول راتبه بعدة أيام، إضافة للايجار الذي سبب لي الأرق الدائم نظراً لتفكيري المستمر في الكيفية التي ستجعلني اوفر مبلغ الايجار. ويضيف"أصبحت أخشى سماع جرس الباب وذلك من كثرة (الديانة) الذين أخجل منهم، خصوصاً بعد وقوفهم معي عندما طلبتهم، ولكن لم أتخيل أن وضعي المادي سيزداد سوءاً نظراً للايجار الذي يرتفع من فتره لأخرى والمصاريف المتصاعدة في كافة المجالات. ديون وطلاق! لا تعلم السيدة "إنعام" كيف تتعامل مع القرض البنكي، إضافة لمطالبات أكثر من بنك حصلت منهم على بطاقات ائتمانية بعد أن اقنعها زوجها بذلك؛ لتتفاجأ بأن زوجها استنفذ المبالغ المالية المتوفرة فيها؛ ما جعلها تدفع كل راتبها لسداد هذه الديون التي تسبب بها زوجها، حيث أضاع هذه المبالغ بطريقه متهورة من خلال سفره الدائم والكماليات التي يدعي انها مهمة؛ لتنتهي بعدها فصول حياتي معه بالطلاق وهروبه من مسؤولية هذا الدين الذي سيستمر معي لسنوات طويلة؛ لأنني وثقت به وحاولت الوقوف معه بعد أن طلب مني الحصول على قرض بنكي ليفتتح مشروعاً صغيراً يوفر لنا دخلاً إضافياً، وهو ما يستدعي منه السفر المتكرر حتى يوفر البضاعة والعمالة لاكتشف بعد ذلك أن كل ذلك كان مجرد حيل منه للحصول على المال. إغراءات ورفاهية وحمّل الباحث الاجتماعي "يحيى القلاف" ما وصل إليه كثير من الأسر التي تفاقمت عليها الديون؛ بسبب القروض البنكية التي ساهمت بتحويل حياه كثيرين لحياه تعيسة بعد أن كانوا يمنون النفس بالحصول على مبلغ مالي ضخم؛ ليتمتعوا به لممارسات الإنفاق الخاطئة التي اعتاد عليها المجتمع، كالمصاريف الباهظة لإتمام مراسم الزواج التي تكلف كثيرا من الشباب فوق طاقتهم، خصوصاً وهم في بداية حياتهم الوظيفية في أغلب الأحيان. ويؤكد "القلاف" أن بإمكان الشاب الراغب في الزواج أن يقف ضد الممارسات المكلفة كاستئجارالصالات الضخمة جدا إضافة للإسراف في الولائم وغيرها من بطاقات دعوة باهظة الثمن، من خلال الوقوف بحزم ضد هذه التقاليد المرهقة، وتوجيه ما يعادل 75% من المصاريف الضائعة على أمور بالإمكان الاستغناء عنها في تأمين المسكن المناسب، وبعض الحاجات المهمة التي تساهم ببدء حياة زوجية خالية من الديون التي تستمر لسنوات طويلة تفقد الزوجين حلاوة الزواج. ويكشف "القلاف" سبب تفاقهم مشكلة (الاقتراض) في المجتمع لغياب ثقافة الإدخار؛ خصوصاً بعد أن قامت البنوك بتقديم إغراءاتها أثناء تسويقها لمنتجاتها (القروض- البطاقات الائتمانية)، من خلال التسهيلات التي تساهم في الايقاع بأكبر عدد ممكن من المقترضين حتى غير الراغبين بذلك، وساعدهم في ذلك استعجال كثير من الأفراد بالظهور أمام الغير بمظهر الرفاهية حتى وإن كلفهم ذلك فوق طاقتهم.