يلجأ بعض أفراد المجتمع إلى الاقتراض من البنوك لتمويل نفقاتهم الشخصية والأسرية، إذ إنَّ هناك من يقترض لتمويل نفقات أساسية كشراء أو بناء منزل أو شراء سيارة هو بحاجة ماسة لها، بيد أنَّ هناك أفراداً آخرين يقترضون لتوفير بعض المتطلبات غير الضرورية، أو من أجل السفر إلى خارج المملكة في مواسم الإجازات، خصوصاً الإجازة الصيفية، إلى جانب وجود من يحصل على البطاقات الائتمانية التي تقدمها بعض البنوك ضمن عروضها الترويجية مدعَّمة ببعض التسهيلات والحصول على الهدايا في حال تمَّ الشراء عبر هذه البطاقات في الخارج، وبالتالي فإنَّ هؤلاء يزيدون بذلك من حجم الأعباء المادية والتأثير بشكل سلبيّ على ميزانية الأسرة، إذ إنَّ جزءاً كبيراً من راتبهم الشهريّ يُستقطع لتسديد قيمة القرض أو لتسديد المبالغ المالية الناتجة عن استخدامهم للبطاقات الائتمانية خارج المملكة. أعباء مالية وأشار "حكيم الزهراني" –معلم- إلى أنَّ للسفر فوائد متعددة، موضحاً أنَّ من أهمها جلب الفائدة للفرد، إلى جانب الاطلاع على الموروث الثقافي للأمم وتغيير الجو وكسر الروتين اليومي، مبيِّناً أنَّ الإمام "الشافعي" -رحمه الله- ذكر خمس فوائد للسفر صاغها في أبيات شعرية، وهي قد تزيد لدى أصحاب الهمة وقد تنعدم عند غيرهم، وهذه الفوائد هي تفريج همٍّ واكتساب معيشةٍ وعلمٌ وآدابٌ وصُحبة ماجدِ. وأضاف أنَّ من يقترض بشكلٍ سنوي من أجل السفر إلى خارج "المملكة" يفتقد للمصداقية مع نفسه، إذ إنَّه يحملها ما لا تُطيق من أعباء مالية مرهقة ﻷجل لذة أيام معدودة، موضحاً أنَّه سيتحمل تبعات ذلك مع نهاية كل شهر حينما يستلم راتبه الشهري، مشيراً إلى أنَّ لدى هؤلاء الأفراد حلولاً أخرى للاستمتاع بإجازة الصيف في الداخل، إلى جانب إمكانيّة الادخار الشهريّ، لافتاً إلى أنَّ المشكلة هي حينما نسأل كثيراً ممن يقضون إجازاتهم في الخارج عن مدى الفائدة التي خرجوا بها، فإنَّنا نجد أنَّ الإجابة هي لا شيء. «تنبسط أسبوعين» وتسدد طوال العام ثم تعود تقترض من جديد.. «وهكذا تستمر الحياة» دفعات مُيسَّرة وبيَّن "محمد عامر" –موظف– أنَّه سبق أن اقترض من أجل أن يسافر إلى خارج "المملكة" في وقتٍ سابق، مضيفاً أنَّه أقدم على هذه الخطوة وهو يعلم يقيناً عواقب عملية الاقتراض من البنوك، ومن ذلك طول مدة الاستقطاع من راتبه الشهريّ لتسديد قيمة القرض، ومع ذلك فإنَّ السفر يشكل بالنسبة له حاجة ملحة، موضحاً أنَّه لا يتصوَّر أن يبقى أثناء إجازة الصيف داخل منزله. ولفت إلى أنَّ السياحة الداخلية مُكلفةً جداً مقارنةً مع السياحة في الخارج، مضيفاً أنَّ رغبته في قضاء فترةٍ أطول مستمتعاً بإجازته خارج "المملكة" في فصل الصيف تجعله يلجأ إلى الاقتراض من البنوك كلَّما أراد أن يسافر، موضحاً أنَّه لا يستطيع تأمين هذا المبلغ عبر راتبه الشهري دفعةً واحدة؛ لذا فإنَّ الحل هو في الحصول على المبلغ بالكامل، ومن ثمَّ استقطاعه على دفعاتٍ مُيسَّرة من الراتب. بطاقات ائتمانية وأوضح "عبدالله التنومي" –مسؤول مصرفي– أنَّ هناك كثيراً من الأشخاص يقترضون من البنوك من أجل السفر، مبيِّناً أنَّ نسبة الفائدة عن هذه القروض لا تتغير أبداً على مدار العام، مشيراً إلى وجود العديد من العروض التي تقدمها المصارف بنسب أقل؛ من أجل جذب مزيد من العملاء، لافتاً إلى أنَّه يُضاف إلى هذه العروض وجود العديد من التسهيلات على البطاقات الائتمانية والهدايا والتخفيضات لمن يستخدم هذه البطاقات خارج "المملكة" في عمليات الشراء. وأضاف أنَّ ما دعا بعض البنوك إلى انتهاج هذا النهج هو يقينها التام أنَّ هناك أعداداً كبيرةً من المواطنين يفضلون قضاء الإجازات خارج "المملكة"، وخصوصاً الأفراد المتزوجين حديثاً ممن يفتقدون إلى وجود المصيف المناسب والمغريات التي تجذبهم داخلياً، داعياً إلى الإفادة من العروض السياحية لدى بعض وكالات السفر، موضحاً أنَّها من الممكن أن تُقلَِّل النفقات في الخارج. ثقافة الادِّخار ورأى "عبدالله آل مداوي" –خبير اقتصادي- أنَّ العديد من الأسر لا تمتلك القدر الكافي من ثقافة الادخار، بينما هي على علمٍ تامٍ بثقافة الاقتراض من أجل السفر أثناء إجازة الصيف، مضيفاً أنَّ بعض أرباب الأُسر يتقدمون بطلبات للاقتراض من البنوك والحصول على بطاقات ائتمانية من أجل تغطية مصروفات السفر، الأمر الذي من شأنه إرهاق ميزانية الأسرة، وبالتالي تتحول ثقافة السفر لتمضية الإجازة الصيفية إلى وجاهة اجتماعية وتقليد سنوي يُقبل عليه حتى أولئك الذين لا يجدون الراحة في الخارج. وأضاف أنَّ بعض الأفراد لا تُحقق لهم الحياة الغربية والسياحة العصرية والمراكز التجارية والترفيهية السعادة والطمأنينة المرجوة، بيد أنَّهم مضطرون للسفر وملزمون بتلبية رغبة أفراد الأسرة أو المجتمع ككل، مشدداً على ضرورة التخطيط الجيّد للسفر والادخار له قبل موعده بأشهر وارتياد الأماكن الاقتصادية أو الرخيصة، مشيراً إلى أنَّ من ليست لديه القدرة المالية، فإنَّه ليس مجبراً على السفر كل عام. سياحة داخلية وأوضح "آل مداوي" أنَّه من الضروري أن يتجه الفرد إلى خيار السياحة الداخلية بدلاً عن الاقتراض وإرهاق نفسه وأفراد أُسرته بالديون في حال لم تكن لديه الملاءة المالية المطلوبة، مشيراً إلى توفّر المناخ الجيد والمناظر الطبيعية الخلاَّبة والمواد التموينية وجميع الخدمات المطلوبة، لافتاً إلى أنَّ الدولة –أيَّدها الله- اهتمت بتوفير كافّة الاحتياجات المطلوبة للسياح في الداخل، إلى جانب تشجيعها للاستثمار في الخدمات السياحية داخلياً، مؤكداً على أنَّه يمكن للفرد أن يجد في الداخل ما يُغنيه عن السفر إلى خارج "المملكة". قروض شخصية وقال "ماهر آل عثمان" –مسؤول مصرفي– :"يتجدَّد الحديث مع اقتراب موسم السفر في الإجازة الصيفية عن تكاليف السفر وعن لجوء البعض إلى الاقتراض من البنوك لتغطية هذه التكاليف الباهظة خارجياً، لا سيِّما إلى دول أوروبا" موضحاً أنَّ ما يدعو بعض أفراد المجتمع إلى الاقتراض من البنوك من أجل السفر هو الضغوط الكبيرة التي يتعرَّضون لها من قِبل أفراد أسرهم ورغبتهم في السفر أُسوةً بأصدقائهم ومعارفهم. وأضاف أنَّ العديد من الشباب يقترضون رغبةً في التباهي أمام الآخرين بقدرتهم على السفر لأمريكا ودول أوروبا حتى لو كان الثمن هو تأجيل زواجهم، مشيراً إلى أنَّ هناك من يقترضون رغبةً في كسر روتينهم اليوميّ بعد موسم الدراسة أو العمل طوال العام حتى لو تحملوا في سبيل ذلك مزيداً من الأعباء المالية، موضحاً أنَّ الطلب على القروض الشخصية واقتناء البطاقات الائتمانية يزداد مع اقتراب موسم الإجازة الصيفية. وأكد على أنَّ قروض السفر هي نوع من القروض الشخصية التي تقدمها البنوك، إذ تبلغ ذروتها أثناء موسم الإجازات، وخصوصاً إجازة الصيف، موضحاً أنَّها تأتي رغبةً في تلبية النفقات الكبيرة التي يتطلبها السفر بدءاً من تذاكر الطيران وحجز الفنادق وتكاليف التنقل عبر السيارة الخاصة التي يتم شحنها قبل السفر أو استئجارها من مكاتب تأجير السيارات في البلد الذي يتجه إليه المسافر، إلى جانب تأمين هدايا الأهل والأصدقاء، وكذلك النفقات الشخصية اليومية لكل فرد من أفراد الأسرة في الدولة التي يسافرون إليها. وأشار إلى أنَّ الحصول على التمويل الائتماني أصبح يتم في أسرع وقت ممكن في بعض المصارف، مضيفاً أنَّه بات يستغرق مدةً لا تزيد عن نصف ساعة، موضحاً أنَّ التعقيدات تبدأ عند العودة من السفر الذي تم دون تخطيط مسبق أو دراسة لوضع ميزانية مالية محددة، لافتاً إلى أنَّ هذه التعقيدات قد تكون كفيلة بجعل الشخص المقترض يعيش في جدول السداد بالأرباح لسنوات، إلى جانب التضحية بالضروريات من أجل الكماليات. وبيَّن أنَّ هناك العديد من التغيّرات التي حدثت في الآونة الأخيرة بشكلٍ مغاير عما كان يحدث في الماضي، موضحاً أنَّ الغالبية العظمى من الذين يسافرون في الصيف كانوا يسافرون إلى الدول المجاورة، مثل الإمارات والبحرين، ثمَّ تطور الحال وأصبحت المقاصد السياحية تشمل القاهرة وبيروت والعواصم العربية الأخرى، بيد أنَّ دول أمريكا وأوروبا أصبحت في الفترة الأخيرة هي أكبر الوجهات السياحية. عواقب سلبية ولفت "آل عثمان" إلى أنَّ ذلك التغيير هو ما جعل الحصول على مقعد في طائرة متجهةٍ إلى "بريطانيا" –على سبيل المثال- أثناء إجازة الصيف أمراً في غاية الصعوبة، مضيفاً أنَّ من يريد السفر إلى هذه الوجهة أثناء هذه الفترة أصبح حريصاً على الحجز قبلها بشهرين على الأقل، مؤكداً على أنَّه نتج عن التطور في الفكر والوجهة السياحية المطلوبة ارتفاع في التكاليف في الغالب، مشيراً إلى أنَّه كلما كانت الوجهة السياحية بعيدة كانت النفقات أكبر، موضحاً أنَّ البعض قد يلجأ للاقتراض لتغطية هذه النفقات وبعد ذلك يفاجأ بالعواقب السلبية بعد الانتهاء من رحلته السياحية والعودة إلى أحضان الوطن. الإفادة من العروض السياحية تقلِّل نفقات السفر البطاقات الإئتمانية مهمة للسفر لكن استخدامها يحتاج إلى وعي حكيم الزهراني عبدالله التنومي ماهر آل عثمان