مرحلة طويلة حافلة بالمنجزات الثقافية عشتها وأبناء جيلي وتفاعلنا معها من خلال ملحق الرياض الثقافي - ثقافة اليوم، ثقافة الخميس - لم يكن صحافة ثقافية بالمعنى البسيط أو العلمي للصحافة الثقافية، بل كان من وجهة نظري الشخصية كلية آداب راقية بكل ما يعنيه مصطلحا الكلية والآداب من معان راقية، ولا أستنكف من الاعتراف بأنني تكونت علمياً وتخرجت في رحاب كلية آداب ثقافة الخميس في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات الميلادية على يد نخبة من الكتاب أمثال: عبدالله الغذامي، وسعد البازعي، وعالي القرشي، وعلوي الهاشمي، وعبدالسلام المسدي، وغيرهم كثير ممن كانوا يثرونني بمقالاتهم وأطروحاتهم العلمية الفذة، التي كنت أقرأها مراراً وأحتفظ بقصاصاتها إلى اليوم. وعندما أقول كلية فإنني أعني أن ملحق ثقافة الخميس الذي يصنعه الأستاذ سعد الحميدين كان يشعرني أن لدى سعد خطة علمية لها مقرراتها الدراسية ومفردات مقرراتها وتوجهاتها التي لاقت هوى شديداً في نفسي وأنفس كثيرين من زملائي وأبناء جيلي، ما يعني أننا إزاء برنامج مدروس وخطط مرسومة، وهو ما لم أكن ألمسه في سواه. عندما يلمع جهد سعد الحميدين الثقافي في "الرياض" في ذهني، تتداعى إلى ذهني في الوقت نفسه صورة مماثلة له في غرب الوطن الحبيب، ألا وهي صورة الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وجهوده الأدبية التنويرية في نادي جدة الأدبي في الفترة نفسها، كل منهما كان على (ثغر) يعي ما يفعل، ويعني ما يقول. لقد كان أبو مدين يمتلك في جدة ما يمتلكه الحميدين في الرياض، كلية وبرنامج ومقررات وطلاب وتوجهات، فالتقت ضفتا الجهدين لتحفرا مجرى الحداثة في أدبنا العربي وتوصلا ثقافتنا المحلية إلى العالم من خلال ثقافة الخميس ومجلة علامات.