"أشدُّ من الماء حزناً تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه أشدُّ من الماء حزناً وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه وحيداً، ومزدحماً بالملايين، خلف شبابيكها الدامسه.." (سميح القاسم) وانطفأت شمعة سميح القاسم وها هو ينتسب للموت التفافاً على الحياة كعادته متوسدا بجانب رفيقه محمود درويش وهو الذي قال في رثائه: "خذني معك". "القاسم" كان مسكونا برغبة أشهى وأكثر اكتمالا من الشعر واعتاد مقايضة ما تبقى من حنينه الأبدي؛ حيث قال في رسالة له لمحمود درويش: "لا شهية لي.. لا شاعرية فيّ .. أما من مكان للفرح في القصيدة؟ أهذا هو مجال الشعر؟ فماذا أفعل؟ " وفعلها ومات! مات "القاسم".. ليتدفأ من الشعر بالموت، مات.. مشاغباً فناءه بخلوده. يعد "القاسم" من أبرز شعراء المقاومة والثورة في فلسطين ولد في عام 1929 بمدينة الزرقاء الأردنية وانخرط في النشاط السياسي المناضل ضد العدوان الإسرائيلي وارتبط بالقصيدة الثورية وعلى إثر ذلك تم سجنه وطرده من عمله وإخضاعه للإقامة الجبرية وهُدِّد غير مرة بالقتل. واشتغل معلما وصحافيا وترجِمَت قصائده إلى لغات عدة كالإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية وغيرها من اللغات وتحوّلت قصائده إلى أغنيات ومن أشهرها "منتصب القامة أمشي" التي غناها الفنان اللبناني مارسيل خليفة. كان "القاسم" على صداقة متينة بمحمود درويش، واللذين رسما ملامح جديدة للشعر العربي الحديث. ومن دواوينه: "مواكب الشمس"، "أغاني الدروب"، "دمي على كتفي" "دخان البراكين" "سقوط الأقنعة"، "يكون أن يأتي طائر الرعد"، "رحلة السراديب الموحشة"، "طلب انتساب للحزب"، "الموت الكبير"، "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم"، "أحبك كما يشتهي الموت"، "الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب"، "جهات الروح"، "قرابين"، "برسونا نون غراتا : شخص غير مرغوب فيه"، "لا أستأذن أحداً"، "سبحة للسجلات"، "الكتب السبعة"، "أرض مراوغة"، "سأخرج من صورتي ذات يوم". يذكر أن "القاسم" توفي مساء أول من أمس على إثر مرض عضال في الكبد حيث تلقى العلاج في مستشفى صفد بشمال فلسطينالمحتلة، بعد أن تدهورت حالته الصحية قبيل أيام من وفاته