وزير التجارة توفيق الربيعة، نموذج رائع للقيادي الواعي والمبدع والمخلص الذي نجح في فترة قصيرة نسبياً مع فريقه الإداري في إعادة إحياء وظائف ومهام وزارة التجارة بشكل عملي، بعد أن ظلت، ولعقودٍ من الزمن حاضرةً على استحياء شديد نسبياً، وغير فاعلة في إدارة مهام تنظيم التجارة الداخلية والعلاقة بين المستهلك والتاجر، وضبط الأسعار، ومراقبة التجار، وقضايا الغش ... الخ. التساؤل المشروع، هنا، لماذا لا يكون لدينا نُسخ من الوزراء البارعين في النجاح في مؤسساتنا ووزراتنا، المتعثرة، والعاثرة، بدلاً من الانتظار، لفترة زمنية، قد تطول - كما كان حال وزارة التجارة قبل قدوم وزيرها الربيعة – حتى يجود الزمن بقيادي أو وزير جهبذ ينتشلها من هذه العثرات! ولماذا لا يكون لدينا نُسخ من المسؤولين المتميزين في مؤسساتنا ووزاراتنا الخدمية خاصّة. في تقديري، سوف يكون لدينا ذلك، بإرادة حاسمة لبناء وهيكلة مؤسساتنا على قواعد وأُطر العمل والنظام المؤسسي الفاعل، الذي يُنظم، بكل مهنية وشفافية، كل إجراءات إدارة العمل والمهام، وتدوير القيادات، وتطوير الأداء والبرامج! ويحول إلى حدٍ كبير نسبياً دون الوقوع - كما هو حاصلٌ اليوم - في مصيدة البيروقراطية الخانقة، والفساد الإداري والمالي بدرجاته المتفاوتة، ومتاهة العشوائية والتَّخبط في الرؤية والممارسة، وعدم الشفافية والمهنية في الأداء. وبما لا يخدم أهداف وسياسات برامج التنمية المستدامة، والرعاية الاجتماعية! بل، ويُسهم في استمرار حالة التبديد النسبي للموارد المتاحة، وتحميل خزينة الدولة المزيد من النفقات في غير محلها، ودون وجهتها المستهدفة. هذا البناء المؤسسي الفاعل، سوف يعمل تلقائياً -على سبيل المثال-على تحسين وتطوير آليات وأساليب اختيار القيادات الإدارية لمؤسسات القطاع العام، المنوط بها تنفيذ التوجهات والسياسات العامة للدولة، وخططها وبرامجها! وذلك من خلال تأسيس وتقنين قواعد محددة، منها: تحديد وتقنين المهارات المُفترض توفرها في القيادات الإدارية، ومن أبرزها: امتلاك المهارات الفنية القادرة على تحديد الأهداف والسياسات، وإعداد الخطط والاستراتيجيات، وتنظيم الأولويات، والجرأة والشجاعة على اتخاذ القرار، وتحمّل تبعاته، وبث روح الفريق الواحد في بيئة العمل، وتنمية قدرات هذا الفريق الفنية والإبداعية، وإشراكه في المناقشة وصنع القرار، وتقسيم العمل، وتوزيع المسؤوليات، حسب التخصص والخبرة والكفاءة، والتنسيق بين الوحدات الإدارية لضمان تحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية، ومعالجة المشكلات، وتذليل العقبات التي تواجه بيئة العمل والعاملين.. الخ وتدوير القيادات بصيغٍ وأوقاتٍ مبرمجة بما يُتيح تطبيق وتفعيل سياسات إحلال قيادات إدارية جديدة، بالمعايير الفنية والثقافية المشار إليها آنفاً، عوضاً عن تلك التي يتضح عدم فعاليتها! فمع الأسف الشديد، لا تزال بعض مؤسساتنا تحت هيمنة مسميات وكلاء ومديري عموم لعقودٍ من الزمن، جفت بالتأكيد لديهم منابع المهارة والابتكار، إن وجدت أصلاً، عند بعضهم! ومن ثمَّ فهم في وضع المزهرية إن صح التعبير! وتقنين سياسات المتابعة، والرقابة، والمحاسبة، بما يكفل جودة الأداء الإداري والمالي، وسلامة التَّوجه والمنهجية! إن من شأن كل ذلك، منع، أو الحد من تسلق أو هيمنة القيادات البيروقراطية أو الأوتوقراطية، على مؤسساتنا ووزاراتنا، بممارساتها وسلوكياتها النَّفعية الضيقة، على حساب المصالح والمنافع العامة. وحينها، لن يضطر الناس والمجتمع إلى انتظار فرصةٍ قد لا تأتي، تحمل معها بشائر قدوم هذا القيادي المُنقذ، أو ذاك! فالبناء المؤسسي كفيلٌ بإمدادنا بقياداتٍ إدارية على قدر المسؤولية وتطلعات المجتمع! مسك الختام: المهارات والشهادات العلمية غير كافية، في القائد الإداري، إذا لم تقترن بمنحه صلاحيات واسعة تتيح له تطبيق برامجه، وسياساته، وإذا لم تقترن كذلك باستيعابه لمفهوم وواجبات الانتماء والمواطنة، بما تفرضه من قِيم عالية، ومصداقية في العمل، وشفافية في التعامل! شَذْرَةٌ: لو كنت ستنتظر الفرصة حتى تأتي فسوف تكون واحداً من المُنتظرين.