يعتبر المعرض المقام حاليًا في العاصمة الأرجنتينية "بوينوس أيرس" والذي جاء تحت عنوان "لعبة الحجلى" وهي إحدى أشهر الأعمال التي كتبها الروائي "خوليو كورتاثار" بالأسبانية، إضافةً إلى أنها- أي الرواية- تعد علامة فارقة في حركة الطفرة التي توجت الإنتاج الأدبي لظاهرة الواقعية السحرية. يتكون المعرض -الذي سيستمر حتى نوفمبر المقبل- من مقاطع ومشاهد مبنية على أساس أحداث من الرواية، بجانب مكونات أدبية أخرى، وعن مكان المعرض فإنه يقام بالمتحف الوطني للكتاب واللغة في العاصمة الأرجنتينية بوينوس أيرس، تحت اسم "لعبة الحجلى" التي ظهرت عام 1963 برفضها النظام التقليدي لترتيب فصول العمل الأدبي، وهذا ما يقدمه المعرض أيضًا حيث يدعو الزائر لأن يتبع مسار الرواية غير المنطقي في مشاهدة محتوياته، حيث يضم 25 محطة موزعة من رصيف المدخل وصولا إلى الدور الثاني من المبنى. وتقول مديرة المتحف "ماريا بيا لوبيز" إنهم قرروا أن تتجاوز الرواية كل الحدود، وكما راهن كورتاثار على القارئ حين طالبه بقراءة الرواية في سياق وترتيب غير تقليدي لفصولها، متقبلا فكرة القفز بين الفصول من الأمام للخلف وبالعكس، فكر القائمون على المتحف بنفس الطريقة، حيث يقترحون من خلال المعرض على الزائر أن يقرر أي محطة يريد أن يبدأ منها وأيها يريد أن ينتقل إليها بعد ذلك وفقا لمزاجه الخاص. ولقد أبهرت شخصية تاليتا (الساحرة) بطلة الرواية الكثير من الزائرين، وكذلك المارة، حيث تظهر جالسة على إطار إحدى نوافذ المتحف. وتشير الدمية المرفوعة لأعلى إلى الفصل الأول الذي كتبه كورتاثار في الرواية، ويأتي ترتيبه رقم 41 حيث تتأرجح أوليفيرا (شبيهة الساحرة) وترافيلرز على حافة لوح خشبي، وبجانب اللوحة الملونة التي تصور المشهد الشهير في الرواية يوجد تعليق للأديب المكسيكي الشهير "كارلوس فوينتيس" أحد الأصدقاء المقربين من كورتاثار، حيث يقول التعليق: "إنها رواية الجسور بين ما هو ضائع وما هو مسترد"، كما يبرز المعرض في جوانب مختلفة منه المنظومة الدفاعية المركبة من الحبال المجدولة والأحواض التي أنشأتها أوليفيرا في مصحة الأمراض العقلية في الفصل ال56، وهو آخر فصل في الرواية يسير وفقا للترتيب الطبيعي للفصول. ويتضمن المعرض أيضا عروضا مرئية ومسموعة، يبرز من بينها فيلم روائي قصير بعنوان "الفنانون يعتمدون فقط على النجمات" من إخراج سانتياغو لاري، وهو ما يزيد من الروح المرحة الشيقة التي تفرضها الرواية على المعرض. كما يتيح المعرض للزائرين اختبار مدى استيعابهم ومعرفتهم بمضمون الرواية أو المشاركة على سبيل المثال في لعبة المقبرة -تقوم على أساس تكوين جمل من صفحة معينة من صفحات القاموس- محاكين الأبطال على صفحات الرواية. أما في الدور الثاني من المبنى، فيقام معرض "السماء الأخرى"، ويضم نسخا من الطبعات الأولى لأعمال كورتاثار، بالإضافة إلى الكتب التي كتب مقدمات أو تمهيدا لها، والأعمال التي ترجمها أو التي تعاون في كتابتها ولوحات شارك في رسمها مع فنانين تشكيليين، وأسطوانات أسهم في تسجيلها متضمنة نصوصا من تأليفه. يتناول المعرض في أحد أقسامه قصة آنا سفنسون -شاعرة وفنانة وناشطة سياسية- تبادلت رسائل مع كورتاثار بداية من عام 1975 أثناء خضوعها للعلاج بإحدى المصحات النفسية الحكومية. كان كورتاثار يرسل إليها رسائل وكتبا وبعض النقود مما سمح بنقلها بعد ذلك بالانتقال لاستكمال العلاج في مستشفى خاص. ويبرز من بين الطبعات الأولى لأعمال كورتاثار السابقة على رحيله إلى باريس عام 1951 قصائد مثل "حضور" التي طبعت عام 1938 تحت اسم مستعار هو خوليو دنيس، والقصيدة الدرامية "الملوك" والتي نشرت عام 1949، كما يمكن مشاهدة واحدة من المئة نسخة التي طبعت من كتابه "خطب بينس جويل" 1966، بالإضافة إلى عدد من الأعمال التي قام بترجمتها مثل "الأعمال النثرية لإدغار آلان بو" 1956، و"الأشجار مكتظة بالأطفال" آخر أعمال زوجته كارول دنلوب، والمنشورة عام 1983. كذلك يضم المعرض أعمال جرافيك للفنان "خوليو سيلفا"، علاوة على نسخة المؤلف من قصيدة "النقد السياسي في ساعة بني آوى" المنشورة عام 1971، ومجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية الأصلية الذي عرف بولعه الشديد بموسيقى الجاز ورياضة الملاكمة العنيفة فضلا عن عمله بالتأليف والترجمة.