كل الوطن ثغور أمنية يحرسها الله، ثم أبناء الوطن وبناته؛ فالقادة السياسيون يحرسون ثغور الأمن السياسي، والأمن الدبلوماسي يحرسه مسؤولو العلاقات الخارجية، وأمن العقيدة يحرسه العلماء، وأمن المجتمع يحرسه رجال الحسبة، وأمن العدل والقسطاس المستقيم يحرسه القضاة ورجال القانون، أما المثقفون والتربويون والإعلاميون والمبدعون في شتى ضروب الفن, فيقفون على ثغرة الأمن الثقافي واللغوي، وهكذا. وكل هؤلاء يبذلون عصارة عقولهم، ويسكبون رحيق أذهانهم ليسقوا به شجرة الأمن العام؛ لتظل مخضرة وارفة الظلال. لكن شهداء الواجب الذين مضوا بالأمس سقوها بدمائهم، ورحيق حياتهم؛ لأنهم كانوا يقفون على أشرف الثغور؛ ثغر أمن الأنفس، وحماية حياة أبناء الوطن وعقيدتهم. فلنرفع العُقُل والأشمغة والغتر، ونحني الرؤوس الحاسرة إكباراً للإيثار بالأنفس، وإجلالاً لأعين باتت تحرس قي سبيل الله. أنا موقنة بنظرية المؤامرة حقَّ اليقين, وأدعوك أخي المواطن ألا تتخلى عن اليقين بأن ما يجري علينا وعلى وطننا مؤامرة تشعلها أطراف عديدة، ولا تخف من اتهامهم إياك بأنك توقن بنظرية المؤامرة؛ فالتخويف بهذا الاتهام, جزء من المؤامرة نفسها؛ حتى يساورك الشك بأن اليقين بالمؤامرة أمر معيب، وأنه حائط قصير تعلق عليه خيباتك، كما يزعم أدعياء الفكر الحر المستلبون. يدفعونك بهذا الاتهام لتتخلى عن الانتباه إلى أعداء وطنك وأعداء دينك، الذين يتخفُّون وراء شراذم منحرفي العقيدة من أبناء الوطن. فلا تتخلى، حفظك الله. أليست المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين؟ ألم يجعل الله فيها قبلة المسلمين؟ ألم يجعل فيها محجَّهم ومشاعرهم، وأعظم مقدساتهم؟ ألا تتجه إليها أفئدة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، يتزايدون يوماً بعد يوم؟ ثم أليست هي من بعد هذا كيان كبير بمقاييس المساحة، والثقل الاقتصادي، والتأثير السياسي الإقليمي والدولي؟ أليس شعبها – بحمد الله – من أكثر شعوب الأرض رفاهية, ورغداً في العيش, وتماسكاً وتواؤماً؟ ألم يقيِّض الله لهذا الشعب قادة حكماء، ذوي إيمان راسخ، واستمساك شرعي متين، وأفئدة شجاعة، وعزائم ماضية؟ ماذا من بعد هذا يشعل الحسد في النفوس؟ ماذا من بعد هذا يغري النفوس المريضة والحاقدة بالتآمر على هذا الكيان لتهدَّه بأيدي أبنائه المنحرفين عن جادة العقيدة الصحيحة، المتفلِّتين من عقال العقد الاجتماعي، والتواثق الأخلاقي الذي يجمع أبناءه؟ إن إيمان هذا الشعب بالله، واستمساكه بعقيدته، ثم – من بعد – يقينه الراسخ بحكمة قادته، وسياساتهم الراشدة، وعزائمهم الماضية، وسهرهم على راحة المواطن، وتكفُّلهم بأسر الشهداء: عطاءً وحنوًّا وعاطفة ورعاية؛ لهي أسباب تهوِّن بذل الأرواح، واسترخاص الأنفس على جنود الثغور. حفظ الله الوطن وقادته وشعبه، وله الحمد والمنة. عشت ياوطني عاليا حُرا أبيا، وليخسأ الخاسئون الخائنون من الداخل والخارج!! آخر الألحان: حنا جنود الله من دون الوطن وحدودنا بأرواحنا عنها نذوذ ياخادم البيتين ندفعها ثمن أرواحنا ترخص ولا توّطا الحدود!