إحدى مدارس أدب القرن العشرين، العبقري ابن المتديّنة والعربيد، الذي كان يمقت يومي السبت والأحد ويسبب له الزمن عبئاً ثقيلاً، العبء الذي عكس على شخصيته عدوانية تهّيج؛ لتحطم الساعات والأيام، مما جعله يثق بأنه سيشغل الناس بعد موته، فينطبق عليه تماماً قول المتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم! اليوم نتناول الشاعر والكاتب الشهير جيمس جويس الذي ولد في ثمانينات القرن التاسع عشر وتوفي في أربعينات القرن العشرين، ولد في عاصمة إيرلندا "دبلن" وتنقل في مدارسها حتى عاشر جميع طبقات المجتمع مما أدى إلى نبذه لرجال الدين الكاثوليكيين والطقوس الدينية نبذاً متأصلاً، وبعد ما أتم سنواته الجامعية في دراسة اللغات الفرنسية والألمانية والإيطالية والنرويجية عزم على الذهاب إلى مدينة النور باريس لدراسة الطب، لكن استهوته مكتباتها حتى صار يتردد إليها أكثر من قاعات التدريس مما أدى إلى ضعف في عينيه الزرقاوين ودوار دائم في رأسه. تمرّغ الأديب الإيرلندي في شقاء الحياة تمرغاً جعله يتمرد على شبابه وعلى كل الطقوس المحيطة به والبعيدة أيضاً عنه، كما أضاف جويس الجمال إلى الأدب الإنجليزي فجدد لغة شكسبير وطورها وأضاف إليها مصطلحات ومعاني عديدة، لقح مؤلفاته بما تشبع من اللغات التي درسها في الجامعة فتخللت رواياته الدراسات والآراء العلمية والمباحث التاريخية والأبحاث اللغوية وكان يكتبها على مهل لكي يغلب الدقائق الرتيبة.. فيحيك القصة على أتم وجه وكأنها ثوب لغادة جميلة!. استطاع جويس تحويل جزئيات يومه الصغيرة إلى أحداث تستحق القراءة، وأضاف الحضور الطاغي لمدينته "دبلن" في أعماله الفخر القومي للإيرلنديين رغم الاستعمار الانجليزي الذي سلبهم أرضهم وهويتهم ولغتهم وحتى أنفسهم. تدور أحداث روايته "أوريس" في يوم 16 حزيران، اليوم الذي التقى فيه بخليلته "نورا بارناكل" التي أصبحت زوجته المخلصة. بعد ذلك بحثا معاً عن طراوة العيش فتنقلا من باريس إلى زيورخ وإلى تريستا وروما لكنه لم يستسغ العمل تارة وأخرى لم يظفر بمراده.. استقر أخيراً في سويسرا بعدما اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى، تحت كل تلك الظروف السيئة التي مر بها كان جيمس يغمس شجونه في خمرة صهباء ويكتب للعالم الذي يموت حوله كتابة تعيش أمداً طويلاً بعده!. "بينيلوبي" أشهر الشخصيات النسائية في الأدب العالمي التي صورها بأرقى صور النبل والوفاء، إنها زوجة "أوديسيوس" التي انتظرت عودة زوجها عشرة أعوام وقاومت كل من طمع بملك زوجها ورقتها إلى حين عودته، كان "أوديسيوس" بطل هوميروس في أسطورة "الأوديسة" عائداً من انتصاره في معركة طروادة مغروراً فعوقب بصراع أمواج البحر قبل عودته إلى إثيكا، نقتبس شيئاً من هذه الرائعة: بنلوبي لم يعد لي غير عينيك فآفاقي يباب سُفني، بحّارتي ناموا بأعماق العُباب وأنا ملقى على الرمل أغني.. أتلوّى، أغزل الرؤيا وأبكي كيف لا تروي شراييني أنهار السراب!. من أبرز أعماله الأدبية التي ترجمت إلى اللغة العربية : " صورة الفنان كشاب - عوليس - ناس من دبلن - مسرحيتي د. ستيفن، ومنفيّون "