من قرأ سيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية في كامل مسيرة حياته العملية يجد أنه رجل عروبي حتى النخاع..، ويتأكد أن مفهومه للإسلام كدين يرتبط بوعي حضاري وعمق إنساني.. واعٍ بمضامين الدين الإسلامي كمنهج حياة صالح لكل زمان ومكان.. ومنهج حياة عالمي لا يقصي أحداً وقبل ذلك لن يقصي الأمة الإسلامية من حالة التعايش الإيجابي داخل المجتمع الدولي بما فيه من شراكات عمل اقتصادي وسياسي وعلمي وعسكري.. وتأتي كلمة خادم الحرمين الشريفين التاريخية يوم أمس الجمعة تأكيداً على عمق استشعاره مسؤوليته العربية والإسلامية تجاه أمته.. فما تواجهه الأمة العربية والإسلامية اليوم من فتنة وعمليات إرهابية يمثل تحدياً يتطلب حراكاً سياسياً وفكرياً عالي المستوى لمواجهة حالة الفوضى التي للأسف باتت تشوه صورة الإسلام بأقسى الصور..، حيث بات قطع الرؤوس أشبه بلعبة تسلية عند أولئك المجرمين..، وتتعمق الخطورة كما ذكر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في كلمته للأمة العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي ولشعبه الغالي أن ذلك تشويه لسماحة الإسلام وتشويه لصورة الحق التي جاءت على لسان رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم..رسول الرحمة والبناء وتمكين الإنسان.. محاولة البعض زراعة الفتنة داخل الأمة العربية والإسلامية من بوابة الإسلام لم تعد خافية على أحد وباتت مواجهتها فعلاً مسؤولية الجميع دون استثناء.. والتاريخ سيكون شاهداً على قيام الكل بمسؤولياتهم أو تخليهم عن تلك المسؤولية.. حيث مسؤولية السياسي والعالم والمفكر.. مسؤولية الدول والمنظمات والأفراد.. في مواجهة الإرهاب الذي بات يهدد الجميع ولن يكون هناك استثناء من نيرانه إن لم تتكانف الأمم في مواجهته والقضاء عليه عبر تنظيم دولي متفق عليه.. المعيب والعار أن يكون الإرهاب باسم الدين كما قال خادم الحرمين الشريفين مما يعني تأكيد مسؤولية علماء الدين وحملة الفكر عموماً في مواجهة الفكر المتطرف الذي أدى إلى بناء ثقافة الإرهاب التي باتت تهدد الجميع وخطورتها تكمن في تمددها عالمياً وليس هناك من هو بمأمن منها.. وهؤلاء الإرهابيون شوهوا صورة الإسلام بنقائه وإنسانيته وجعلوا منه منطلقاً لفكرهم ونفوسهم المريضة.. مما يضاعف من مسؤولية علماء الأمة الإسلامية في مواجهة هذا التطرف الذي بات يهيئ أرضاً خصبة للإرهاب.. في أبشع صوره التي لا ترى في القتل وسفك الدماء ودحرجة الرؤوس سوى لذة لإشباع هوسها وتأكيد على أمراض معتنقي الفكر الإرهابي حيث تنوعت المنظمات الإرهابية مع تنوع في جرائمها وتوسع في انتشارها الجغرافي.. بين منظمات تحتضنها دول ومنظمات تنتقل من مكان لآخر تحمل عقيدة القتل والتدمير باسم الإسلام والإسلام منها بريء مستغلة حالة الفوضى التي باتت تعم كثيراً من المجتمعات العربية. في كلمته أكد خادم الحرمين انحيازه للحق دون مواربه في الرأي ودون عبارات مختبئة عبر التصنيفات اللغوية.. بل قالها صريحة انها مسؤولية السياسي والمفكر على حد سواء مؤكداً أنه من موقعه في مهبط الوحي يذكر الجميع بمسؤوليته تجاه أمته وتجاه المجتمع الدولي عموماً.. مؤكداً أن الإرهاب وإن اخترق الجسد العربي بدءاً فإنه داء ستصل ناره للجميع لأن المشهد الحالي يربي الجيل القادم على ثقافة العنف والإرهاب.. تحليل لواقع وقراءة لمستقبل. ولم تغب الحالة الفلسطينية من كلمة خادم الحرمين الشريفين حيث سفك دماء الفلسطينيين مؤكداً - حفظه الله - أن ذلك يمثل جرائم حرب ضد الإنسانية دون رحمة أو وازع أخلاقي أو إنساني تحت مسمع ومرأى جميع الدول ومنظمات حقوق الإنسان مما يعتبر خيانة للضمير الإنساني وعدم تحمل المنظمات الدولية مسؤوليتها في حماية أهل فلسطين من نساء وأطفال لا ذنب لهم. كلمة تاريخية تؤكد مرة أخرى مسؤولية أهل الفكر وخاصة علماء الدين الإسلامي ومسؤوليتهم لمواجهة التطرف الفكري بالعودة للإسلام؛ دين البناء والتنمية وليس دين القتل والتدمير.