لاشك أن اختطاف صبية وقتلهم خطأ ولكن لابد أن ذلك حدث نتجة حالة اليأس التي أوصل الإسرائيليون الفلسطينيين إليها. فإسرائيل تمارس بشكل يومي بكل وسيلة ممكنة: مصادرة أراضٍ فلسطينية وإقامة مستوطنات عليها ونتوقع من مثل هذه الأعمال أن توغر صدور الفلسطينيين على كل مستوطن. لو افترضنا أنك في منزلك وجاءك غريب وصادر جزءاً كبيراً من منزلك لأنه أقوى منك فإنك لن ترحب به بلا شك ولكنه تمادى وحصرك أنت وأهلك في غرفة واحدة وضيق عليكم الخناق ومارس التنكيل والقتل فلن تقف مكتوف الأيدي لو حانت لك فرصة الانتقام. تدمير بيوت الفلسطينيين وتجريف مزارعهم بشكل مستمر. التضييق عليهم في حياتهم اليومية ومعاملتهم معاملة أسرى معتقل اسمه غزة. الضغط المعنوي عليهم بوصف نضالهم بالإرهاب وتردد صدى ذلك الوصف في كل المحطات التليفزيونية الكبرى التي يديرها الصهاينة كالسي إن إن والفوكس نيوز وسكاي نيوز وغيرها. استفزاز مشاعر الفلسطينيين الدينية إما بمنعهم من الصلاة في المسجد أو باقتحام المساجد. افتقاد أبسط مقومات العيش الكريم من غذاء ودواء وحرية تحرك. الغارات المتكررة لأسباب لاتتناسب مع حجم الدمار الذي يقع على الفلسطينيين. في مقابل تلك الجرائم الصهوينية ضد الفلسطينيين يعاقب كل الفلسطينيين على جريمة واحدة. ولو كان الأذى يقع على الفلسطينيين من اليهود فقط لفهمنا الأمر لأن ذلك ديدنهم كلما سنحت لهم الفرصة، ولكن أن يشعر الفلسطينيون أن القوى الغربية تقف مع جرائم الصهيونية وتؤيدها وتمارس الضغط على الضحية الفلسطينية لمزيد من التنازل والخضوع في ظل ضعف وتشرذم على المستويين العربي والفلسطيني فلا نتوقع من الفلسطينيين إلا أن يكونوا عدائيين تجاه الجرائم الصهيونية. ولعل هذا مايفسر حالة التشفي الخاطئة التي عبر عنها الفلسطينيون خلال أحداث أصابت دولا عربية. وفهمنا لحالة التشفي هذه - رغم خطئها – تجعلنا لانبالغ في ردة فعلنا كعرب تجاه الفلسطينيين. ولو أخذنا أكثر المتعاطفين مع إسرائيل وعرضناه لما يتعرض له الفلسطينيون لأصبح أكثرهم عداوة لإسرائيل ولوصفها بأبشع الأوصاف ولَجرّم كل من يسكت عن الجرائم الإسرائيلية فكيف بمن يقف معها ويدعمها. ومع ذلك لا بد للفلسطينيين من مراجعة حقيقية لسياساتهم تجاه قضيتهم، ولابد من تنازلات على مستوى الأحزاب والأفراد. لابد من توحيد الجهود في مواجهة عدو مشترك. لابد من إعادة بناء استراتيجية المقاومة والتحرير والتحرر من كل سلبيات الماضي. مقاومة المحتل مشروعة في دساتير كل دول العالم وفي كل الديانات وفي كل الأعراف رضي من رضي وأبى من أبى. الاختلاف على الأسلوب فقط لأنه يكلف الفلسطينيين الكثير.