أصدرت الأسواق المالية العديد من التوقعات على ميزانية الهند القادمة التي ستعلن عنها حكومة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في 10 يوليو، وقد أعطى الاكتساح الكبير في الانتخابات أملاً للمستثمرين بأن الحكومة ستعيد تنظيم القوانين التي تعيق النمو التجاري في الهند، حتى في ظل العجز المالي والتضخم المستمر، وقد تم تسجيل 46% من إجمالي العجز المالي المتوقع للسنة المالية المنتهية ما بين أبريل 2014 ومارس 2015 خلال شهري أبريل ومايو من هذا العام فقط. وهذا يتطلب وضع القيود التي تحتاجها الحكومة على الإنفاق، مما يترك مجالاً صغيراً لأي إجراءات شعبوية في غير محلها. ويمكن للحكومة أن تأخذ طريق التخارج من الاستثمارات لتعزيز احتياطياتها من خلال بيع حصتها في مؤسسات القطاع العام. كما أن الاقتصاد يعاني كثيراً من مستويات التصخم العالي التي تقارب 8%، وهو ما أبقى البنك المركزي مقيداً. ولهذا، لا يؤخذ تخفيض أسعار الفائدة بعين الاعتبار على الأقل على المدى القصير. هذا يترك الحكومة مع إمكانيات محدودة، ومعظمها في شكل إصلاحات على جانب العرض، أي الإجراءات التي من شأنها تسهيل ممارسة الأعمال التجارية عن طريق خفض الشروط والقيود التنظيمية. وسيكون السوق في انتظار هذه الإجراءات ضمن الميزانية القادمة. فالسوق على استعداد لمنح الحكومة مهلة في خصوص العجز المالي، لأن الحكومة الجديدة قد ورثت اقتصاداً ضعيفاً من الحكومة السابقة. ونحن نعتقد أن السوق سيتغاضى عن هذا إذا تم رفع تقدير العجز المالي قليلا لما يقارب 4.5% بعد أن بلغ 4.1% في فبراير. لكن السوق لن يتقبل أي نوع من العوائق في وجه الإصلاحات. وبالنسبة للإصلاحات، فلا تزال هناك بعض الأمور التي من المتوقع أن يتم طرحها ضمن الميزانية. ففي قطاع الطاقة، من المتوقع أن تتم إزالة العوائق في طريق إمدادات الفحم والغاز، مما يفتح المجال أمام القطاع الخاص ويعزز شركات التوزيع مالياً. ومن المنتظر أيضاً وجود إصلاحات في مجال النفط والغاز التي تقلل من عبء الدعم على الدولة عن طريق رفع أسعار الغاز، والغاز المسال، والكيروسين. كما ينتظر السوق قوانين في شأن الضريبة بأثر رجعي على السلع والخدمات الضريبية، وهي التي شغلت الكثيرين. كما يستمر العمل على تيسير القيود الخاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر وذلك في عدة قطاعات مختلفة، بما فيها السكك الحديدية والدفاع، مما سيوفر دفعة قوية لهذه القطاعات ويحرر الإنفاق الرأسمالي الحكومي. وستكون إصلاحات القطاع المصرفي التي تحدد الإجراءات المطلوبة لرسملة البنوك وإعادة هيكلة القطاع العام لتسهيل تخصيص رأس المال، من بين البنود التي تتضمنها الميزانية. يترقب السوق هذه الميزانية كحدث آخر يحمل المخاطر بعد الانتخابات التي جرت في مايو. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة إذا ما كانت الهند ستستمر بجذب أكبر حصة من التدفقات الائتمانية القادمة لأسواق آسيا الناشئة، بعد الشهرين الماضيين اللذين شهدا تدفقات ائتمانية مذهلة. *رئيس الاقتصاديين في شركة آسيا للاستثمار