لست ضد تشجيع عمل الخير والشكر من صاحبه, بل بالتأكيد أقف مع تقدير صاحبه وخصوصا اذا كان هذا العمل الخيري (يستاهل) الذكر والشكر وله وقعه المأثور على المقصود به في الخير, و لكن ما يزعجني حقيقة هو ذلك (التلميع) و(التسطيع) و(الصنفرة) لأشخاص قاموا بأعمال خيرية (بسيطة جدا) و إظهارها للمجتمع بصورة إنجاز, وكأن هذا الشخص هو الرجل الخيِّر الهُمام, والأدهى والأمر انه وفي كل مرة يقوم هذا الشخص بفعل بسيط يوضع له خبر صحفي أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي. اكرر لست ضد الإشهار بفعل الخير بل انا معه قلبًا وقالباً, ولكن التركيز على شخص معين سواء أكان تاجرا او فنانا او ممثلا أو مسئولا وتكرار اظهار محاسنه بصورة مستفزة هي من حرضتني على كتابة هذا المقال. هناك اناس كثر لن تستطيع ان تحصي فضائلهم واعمالهم الخيرية ولكن لم يحتاجوا في يوم لذكرها او الدعاية لها, وتعتبر اعمالهم الخيرية مسيرة تحتاج ان تؤرخ, وهي فعلا من تستحق ان تنشر ويركز الإعلام عليها ولكن هم يرفضون, ومع هذا نعلم عن اعمالهم الكريمة ليس عن طريق وضع صورهم, أو بما يسمى تلميعاً عبر هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك, بل تصل للمجتمع عن طريق الناس الشاكرة والمحبة للخير فهؤلاء هم فعلا من يستحق الذكر, وليس ما نشاهده اليوم من حرص شريحة من هذه الشرائح بأن يحقق من خلال عمل خير ما شهرة واسعة، عبر وسائل الإعلام أو شبكات التواصل. قد نهضم حق هذه الوسيلة أو تلك بأنها (لمعت) فلانا بهذه الطريقة أو تلك التي اتخذ منها عمل الخير ذيوعا للصيت، وجسرا للشهرة، فاؤلئك المتباهون بفعل الخير كأنهم في تصوري تحولوا إلى البحث عن اعلان تجاري والمصيبة إذا كانت تلك الأفعال لا تستحق شكرا ولا حمدا اجتماعيا لأنها مما درجت عليه أعراف الناس والقيم الدينية في أبسط صور التعامل الإنساني. ان فعل الخير كلما كان مقرونًا بالسرية كان اسلم له, واسمى, واصدق من ان يخالطه ولو شيء يسير من الرغبة ان يطلع عليه الناس او قصد به ذلك, ونعلم ان اظهاره في بعض الأحيان تشجيع وترغيب لفعل الخير ولكن مانراه حاليا في بعض الوسائل وشبكات التواصل الاجتماعية ما هو الا دعاية لأشخاص وتلميع واجهتهم وإيجاد وجاهة لهم على حساب فعل الخير والمحتاجين من اطفال وأسر فقيرة.