وزارة الخارجية هي أول وزارة أسست في المملكة العربية السعودية وكان إنشاؤها بموجب مرسوم ملكي صدر بتاريخ 26 رجب 1349ه الموافق 19 ديسمبر 1930م الذي تحولت به مديرية الشؤون الخارجية إلى وزارة وزيرها الأمير الملك فيما بعد فيصل بن عبدالعزيز ووكيلها فؤاد حمزة وكان مركز الوزارة قصر الحكومة بمكة المكرمة، أما مكتب جدة فكان في حارة اليمن. وفيما كان التمثيل الخارجي في مرحلة التأسيس يتم عن طريق وكلاء الملك عبدالعزيز في الدول المحيطة، فقد بدأ بطريقة منظمة بعد توحيد الحجاز في عام 1344ه 1925م ففتحت قنصليات ومفوضيات ولم يكن للمملكة حتى عام 1356ه 1936م سوى ثلاث مفوضيات وقنصليتين: فالمفوضيات كانت في لندن على رأسها حافظ وهبة، وفي القاهرة على رأسها فوزان السابق، وفي بغداد برئاسة عبدالله الخيال ثم محمد المطلق ثم إبراهيم بن معمر، أما القنصليتان فالأولى في دمشق وعليها رشيد الناصر، والثانية في السويس وعليها وكيل اسمه عبدالفتاح العسكري، ثم توسع التمثيل الخارجي بعد ذلك لتكون حصيلته النهائية في عهد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، كما جاء في (موسوعة تاريخ الملك عبدالعزيز الدبلوماسي) ست عشرة سفارة وثماني مفوضيات وست قنصليات. وكان من ضمن تلك القنصليات التي أنشئت في الخارج في عهد الملك عبدالعزيز قنصلية البصرة وذلك في عام 1362ه 1943م في هذه القنصلية تجلّى دور لرجل سجل الشعر الشعبي مآثره التي شهد لها القاصي والداني وكان في البداية نائباً للقنصل ثم عيّن في عام 1368ه 1949م قنصلاً عاماً ألا وهو (محمد الحمد الشبيلي). فبين يدي قصيدة للشاعر حمد بن عبدالله بن فواز السبيعي (ت 1376ه) قالها احتفاء بإنشاء القنصلية شاكراً للملك عبدالعزيز ومثنياً على الشبيلي هذا العمل وكان الشاعر في تلك الفترة في بلد الزبير العراقية التي يستوطنها كثير من النجديين بل إن جلّ سكانها إن لم يكن كلهم من أصول نجدية، ولا شك أن وجود القنصلية في مدينة البصرة المجاورة لهم سهّلت كثير من أمورهم ومعاملاتهم ومن أبيات القصيدة التي تؤكد دور الشعر الشعبي كشاهد على التاريخ وموثق لأحداثه: ما قلت قولي مقصدي منه أبي لي عطيّة يا سيّدي من عطاياك قلته وفعلك يا بوتركي دليلي صيتك جذبنا من بعيد وتبعناك وفزنا بمنصوبك لفانا (الشبيلي) زاد الفرح عقب الترح لا عدمناك بالبصرة الفيحا بيومٍ فضيلِ نلنا الفرح والعز من فضل حسناك محمد قوي الباس فعله مْهيلِ رجلِ برايه للشرابيك فكّاك يقوم بالواجب ولا هو ذليلِ يمضي ولا يتبع هوى كل هكّاك لا شاف ما عاف ارتكى للقبيلِ ينحاه لين يخلّي الدرب منّاك شال العلم فوق النيابة طويلِ أصبح يرفرف من تدابير مولاك يضرب بسيفٍ من سيوفك ثقيلِ حدّه شطير والهوايا هواياك سويت معروفٍ وفعلٍ جميلِ لولاك ضعنا بين ذولا وذولاك يا علّ ما نعتاض غيرك بديلِ إلا عقب عمرٍ طويلٍ بدنياك وأخيراً ولأن الشيء بالشيء يذكر فلا بد أن نتذكر الكلمات الذهبية التي وجهها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للسفراء حيث قال حرفياً: "اسمع أنا ولا إن شاء الله اتهم أن بعض السفارات بتسكّر أبوابها وهذا ما يجوز أبد أبد، لازم تفتحوا أبوابكم وصدوركم وتوسعوا أخلاقكم للشعب السعودي، أي فرد بيجيكم مهما كان اعرفوا أنه من الشعب السعودي وأنا من الشعب السعودي وهو ابني وأخوي، لا تقولون هذا ما له قيمة، أياني وإياكم، قدروهم واحترموهم ليحترمونا الشعوب".