بدأ العنف في عدة دول من قبل الشعوب ضد الأنظمة، ثم تحول العنف ضد الشعوب من عصابات وجماعات موالية لأحزاب متعددة، وأخرى من فلول الأنظمة السابقة. إلى أن وصلت الحال إلى الإبادة الجماعية في سورية والعراق، وحل الدمار مكان المساكن والشوارع فأصبحت بقايا متفجرات وأشلاء بشرية متناثرة في الأنحاء، وصب هذا الخراب والضياع في مصلحة إسرائيل ولفت انتباه العالم لهذه الأحداث، لكي تواصل بناء المستوطنات، وتلاشى هدف المسلمين أجمع ومرفأ أحلامهم التي تصبو إلى تحرير فلسطين. إلى أن أصبحت اليوم الأهداف في غربة دائمة لا تعلم ماذا يريد العرب ما اضطر الاماني والآمال إلى الفرار إلى المنفى والبحث عن هوية، وبقيت الأجساد والأرواح تشاهد القتل والتعزير والعنف. كانت العرب تعكف على بلاغة الكلام والأدب والفنون والهندسة والطب، واليوم بلاغة العنف تجاوزت الطابع المحافظ على الأرواح والثقافات. بعد فترات ذهبية عاشتها الأمة العربية، ثم أعقبتها فترات عصيبة وأزمات متعددة، أزمة مؤسساتية وأزمة اجتماعية وأزمة قيم تقليدية، وأزمة تيارات دينية. إذن، توجب إنشاء إدارة للأزمات بكل أنواعها وأنماطها، لأن هناك اختلافا لا تدركه البصيرة، ففي أقاصي الدول الفقيرة ينتشر المبشرون والمنصرون بين الفقراء والمعدمين، وفي ساحات المعارك تنتشر المذهبية الطائفية التي صنعتها السياسة والأحزاب المتطاحنة. إن الشباب اليوم أمام أزمة حادة قسمتهم إلى عدة أقسام، تستخدم العديد من الأساليب والقناعات الشكلية وفي الخفاء طائفية تحرضهم إلى مصير يردد نشيدا جنائزيا ينذر بالهلاك، فهل ينبغي عدم الخوض في أي شيء يدين الحرب والفتن أم نصوم عن الكلام ؟ ولا يمكننا النهوض استجابة لمحفزات مثيرة للشفقة، فهناك في ساحات الوغى نضال من أجل سرقة الإنسانية ونهب الضمائر البشرية، ونقل ملاحم البؤس والظلم، وسيناريو الحياة الذي تحول إلى سلسلة من الانتقام الجماعي وهروب إلى حياة سادية أكثر رعباً. ويبدو أن الثورات ساهمت بشكل كبير في صناعة هذه الفوضى، وقطعت الصلة نهائيا عن مسؤوليات الوعي والعقل والمنحى الأخلاقي، فكثير من الأحداث يتجاهلها الفرد، ولكن غالبا ما ينزلق الفكر إليها قسراً ليتجه نحو بوصلة أخلاقية تعثر تحديد الجهة التي تريد. ولا يمكننا أن نختم تلك المسرحيات بالصمت أو نكتفي بالمشاهدة، وإلا ستكون الحرب مصدرا لاحقا للحياة، تتكرر كلما ازدادت الضبابية أو العزلة التي تمثلها بعض المجتمعات، وقد يتعلق الأمر بتكاتف جهود العالم، وتصحيح الأخطاء التي ارتكبها ثلة من الناس نتيجة ضغوط حزبية أو طائفية حصدت خلالها الأرواح، وأغرقت الأرض بالدماء وعرق الفقراء والمنكوبين. وهذه الصور السلبية تكلف الشعوب الهروب والمغامرة إلى بلدان مجاورة أخرى، وقد ساهمت بتشرد ملايين اللاجئين الفارين من حمم الأسلحة الفتاكة.