لا أتذكر عدد الرحلات الجوية التي قمت بها، ولكنني أتذكر جيداً أطول الرحلات التي عانيت منها.. وبما أن موسم الهرب إلى الخارج قد بدأ فعلاً؛ فكرت بتقديم بعض النصائح المفيدة في التخفيف من وعثاء السفر على الرحلات الجوية الطويلة.. وقبل البدء بهذه النصائح أشير صراحة إلى أن مامن شيء يمكنه إلغاء معاناة الجلوس في مقعد ضيق داخل أنبوب مزدحم لعشر ساعات متواصلة.. أفضل ما يمكنك فعله هو التخفيف من معاناة الرحلة، والاستعداد لها بأفضل طريقة ممكنة.. 1- وأول نصيحة يمكنني تقديمها هي عدم التردد بشراء تذكرة درجة "أولى" أو "أعمال" من خلال البحث عن أفضل العروض المتوفرة!! 2- وإن لم تجد، أو تستطع، حاول حجز رحلتك مبكراً للحصول على سعر مناسب وخط مباشر ومقعد ملائم.. 3- وإن فات الأوان على النصيحتين افتح موقع الشركة واختر الكرسي المناسب لك (قرب النافذة، أو على الممر، أو الصفوف الأولى، أو مخارج الطوارئ) المهم أن تبتعد عن المقاعد الموجودة في "المنتصف"! 4- أدخل معك في المقصورة مُتعتك الخاصة.. خذ مثلاً كتاباً كنت تفكر بقراءته من سنين، أو خزّن على الآيباد فيلماً صدر مؤخراً، أو افتح مواقع تتحدث عن البلد الذي ستذهب إليه، أو اكتب جدولاً بما ستفعله هناك.. 5- انسَ الريجيم واشتر من المطار كافة أنواع الحلويات والكيكات والعصيرات التي تحبها وأدخلها معك بالطائرة.. ولا تنسَ شراء لبان لفتح أذنيك، واسبيرين لمنع تشكل الجلطات في ساقيك!! 6- لا تتعرف على المسافر الذي يجلس قربك (إلا إذا كنت ثرثاراً بطبعك) واطلب من المضيفة تغيير مقعدك إن كان خلفك أطفال مزعجون.. فهناك احتمال أن لا يكف جارك عن الحديث.. والمؤكد أن الأطفال لن يكفوا عن الصراخ والبكاء لمدة نصف يوم.. 7- وللتقليل من الإزعاج عموماً افعل مثلي واحمل معك شنطة تتضمن سدادات مطاطية للأذنين، ومانعاً ضوئياً للعينين، وكل ما من شأنه عزلك عما يجري حولك.. 8- أما النصيحة الثامنة والأخيرة فهي "النصيحة الذهبية" التي عنونت بها المقال.. وأدعوها الذهبية لأنها تغنيك عن كافة النصائح السابقة وتعتمد باختصار على النوم طوال الرحلة وكأنك مخدر في غرفة عمليات!! .. أنا شخصياً لم أكن أعرف النوم في الرحلات الطويلة حتى اكتشفت أن له فوائد عظيمة أهمها: - الاستيقاظ فجأة وقد وصلت نشيطاً وسعيداً مقارنة ببقية البائسين حولك.. - وبدل النوم في الفندق، تنام في الطائرة، وتكسب بالتالي يوماً إضافياً في بلد الوصول. - كما تعدل ساعتك البيولوجية بدل محاولة تعديلها بعد أيام من وصولك. - والنائم بطبيعته لا يشعر بالضيق والإزعاج الذي يستحيل منعه في الرحلات الطويلة.. .. وكي أنام أنا في الطائرة (وكأني مخدر في غرفة عمليات) أعمد مسبقا لفعل التالي: - السهر وعدم النوم في آخر يوم في بلد المغادرة (وهذا ليس سيئاً كونك ستكسب فيه وقتاً إضافياً). - عدم شرب أي سوائل قبل إقلاع الطائرة (وهي نصيحة غير صحية ولكنها ضرورية لتحاشي الذهاب للحمام) - اختيار مقعد قرب النافذة (يسمح بإمالة رأسي) أو في الصفوف الأمامية (يسمح بمد قدمي)! - وضع سدادات في أذني لعزل الصوت، وحاجب على عيني لعزل الضوء.. ناهيك عن مخدتي المفضلة.. - ابتلاع حبة منومة (إن لم يصفها لك الطبيب يمكنك استبدالها ببدائل لا تتطلب وصفه من الصيدلية..). .. بهذه الطريقة فقط تنام وكأنك مخدر في غرفة العمليات وتستيقظ وأنت سعيد بعودتك للحياة مجدداً!! وهذه النصيحة لا تغنيك فقط عن بقية النصائح، بل وتمنحك يوماً إضافياً في بلد الوصول والمغادرة، وتوفر عليك ثمن "درجة أولى".. وبيني وبينك، لماذا تدفع درجة أولى طالما ستقضي رحلتك نائماً!